للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (فلقد رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يضحك حتى بدت نواجذه تعجبًا وتصديقًا لقوله). يعني: قول الحبر. قال الخطابي: قوله: (تصديقًا لقوله) هو ظن وحسبان، وقد روي هذا الخبر عن غير واحد من أصحاب عبد الله من غير طريق عبيدة، فلم يذكروا فيه (تصديقًا) لقول الحبر، قال: والضحك يدل على الرضا وعلى الإنكار أحرى، والآية محتملة الوجهين ليس فيها للأصبع ذكر، وقد ثبت قوله - عليه السلام -: "لاتصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا: آمنا بما أنزل الله من

كتاب" (١).

والاستدلال بالتبسم والضحك في مثل هذا الأمر الجسيم غير سائغ مع تكافؤ وجهي الدلالة المتعارضين فيه، ولو صح الخبر لكان ظاهر اللفظ منه متأولًا على نوع المجاز وضرب من المثل قد جرت عادة الكلام بين الناس في عرف تخاطبهم، فيكون المعنى ذلك مثل {مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: ٦٧] أي: قدرته على طيها وسهولة الأمر في جمعها، بمنزلة من جمع شيئًا في كله فاستخف حمله، فلم يشتمل عليه، بجميع كفه عليه لكنه نقل ببعض أصابعه، وقد يقول الإنسان في الأمر الشاق إذا أضيف إلى القوة أنه يأتي عليه بأصبع، أو أنه نقله بخنصره.

ويؤيد ما ذهبنا إليه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: "يقبض الله الأرض ويطوي السموات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك" (٢) وليس فيه ذكر الأصبع، وتقسيم الخليقة على أعدادها، ودل أن ذلك من تخليط اليهود


(١) سبق برقم (٤٤٨٥) كتاب: التفسير، باب {قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ}.
(٢) سبق برقم (٤٨١٢) كتاب: التفسير، باب: {وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>