للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفقهاء وجماعة العلماء، وقد شذ قوم (١) فجعلوا المائع كله كالجامد، ولا وجه للاشتغال بشذوذهم، ولا هم عند أهل العلم ممن يُعد لهم خلاف.

وسلك ابن علي (٢) في ذَلِكَ مسلكهم، إلا في السمن الجامد والذائب، فإنه يتبع ظاهر هذا الحديث، وخالف معناه في العسل والخل، وسائر المائعات، فجعلها كلها في لحوق النجاسة إياها بما ظهر فيها، فشذ أيضًا، ويلزمه ألا يتعدى الفأرة كما لا يتعدى السمن.

قَالَ: واختلف العلماء في الاستصباح به بعد إجماعهم على نجاسته.

فقالت طائفة من العلماء: لا يستصبح به ولا ينتفع بشيء منه، وممن قَالَ ذَلِكَ: الحسن بن صالح، وأحمد بن حنبل، محتجين بالرواية السالفة: "وإن كان مائعًا فلا تقربوه" ولعموم النهي عن الميتة في الكتاب العزيز.

وقال آخرون بجواز الاستصباح به والانتفاع في كل شيء إلا الأكل والبيع، وهو قول مالك والشافعي وأصحابهما والثوري، أما الأكل فمجمع على تحريمه، إلا الشذوذ الذي ذكرناه، كما نبه عليه ابن عبد البر (٣).

وأما الاستصباح فروي عن علي (٤) وابن عمر (٥) أنهما أجازا ذَلِكَ، ومن حجتهم في تحريم بيعها قوله: "لعن الله اليهود، حرمت عليهم


(١) ورد بهامش الأصل ما نصه: [ … ] ذهب إليه البخاري في الصحيح وهو مذهب غيره أيضًا.
(٢) ورد في هامش الأصل ما نصه: يعني: داود الظاهري.
(٣) "التمهيد" ٩/ ٤٠ - ٤١، ٤٢.
(٤) رواه ابن المنذر في "الأوسط" ٢/ ٢٨٥.
(٥) رواه ابن أبي شيبة ٥/ ١٢٧ (٢٤٣٨٧)، وابن المنذر في "الأوسط" ٢/ ٢٨٦.