للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وجزم القرطبيُّ وغيرُه بأنها عنت بذلك آيةَ النساءِ؛ لأنَّ آيةَ المائدةِ ذُكر فيها الوضوءُ بالماءِ والتيممُ، وغُسل الجنابةِ، وفي النساءِ لم يذكر الوضوء، وإنما ذكر التيمم عند عدم الماءِ بغير ذكر الأسباب التي كانت معروفة عندهم، فكانت النساءُ أخصُّ بها من المائدة (١).


(١) "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ٢٣٣.
وقال ابن رجب رحمه الله:
والآية التي نزلت بسبب هذِه القصة كانت آية المائدة، فإن البخاري خرَّج هذا الحديث في "التفسير" من كتابه هذا من حديث ابن وهب، عن عبد الرحمن بن القاسم وقال في حديثه: فنزلت {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] هذِه الآية.
وهذا السفر الذي سقط فيه قلادة عائشة أو عقدها كان لغزوة المريسيع إلى بني المصطلق من خزاعة سنة ست، وقيل: سنة خمس، وهو الذي ذكره ابن سعد عن جماعة من العلماء قالوا: وفي هذِه الغزوة كان حديث الإفك. وقد ذكر الشافعي أن قصة التيمم كانت في غزوة بني المصطلق، وقال: أخبرني بذلك عددٌ من قريشٍ من أهل العلمِ بالمغازي وغيرهم.
فإن قيل: فقد ذكر غير واحدٍ منهم ابن عبد البر أنَّه يحتملُ أن يكونَ الذي نزلَ بسببِ عائشة الآية في سورة النِّساء، فإنَّها نزلتْ قبل سورة المائدة بيقين، وسورة المائدة من أواخر ما نزل من القرآن حتَّى قيل: إنها نزلت كلُّها أو غالبها في حجَّة الوداع، وآية النساء نزولها متقدمٌ.
وفي "صحيح مسلم" من حديث سعد بن أبي وقاص أنَّها نزلت فيه لمَّا ضربه رجلٌ قد سكر بلحي بعير ففزر أنفه.
وفي "سنن أبي داود"، والنسائي، وابن ماجه، عن عليٍّ أنَّ رجلًا صلَّى وقد شرب الخمر فخلطَ في قراءته فنزلتْ آيةُ النساء.
فقد تبيَّنَ بهذا أنَّ الآية التي في سورة النساء نزلتْ قبل تحريم الخمر، والخمر حرمت بعد غزوة أحد، ويقال: إنَّها حُرِّمتْ في محاصرةِ بني النضير بعد أحدٍ بيسيرٍ، وآية النساء فيها ذكر التيمم، فلو كانت قد نزلت قبل قصة عائشة فدل على أن قصة عائشة، لما توقفوا حينئذٍ في التيمم، ولا اتظروا نزول آية أخرى فيه. =