للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اختص منهم بلقاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عرف الناس إذا تلقوا الغائب مبتدرين له، فلابد غالبًا أن يسبق بعضهم بعضًا، ويصادف بعضهم اللقاء ولا يصادفه بعضهم، وهذِه طريقة ابن بطال (١).

وذهب غيره من شيوخ الأندلس إلى أن ذَلِكَ تنبيه عَلَى الحالة الخاصة بهؤلاء الأنبياء عليهم السلام، وتمثيل لما سيتفق للرسول - صلى الله عليه وسلم - مما اتفق لهم مما قصه الله عليهم في كتابه، وهذا يرجع إلى فن التعبير، فمن رأى في منامه نبيًا من الأنبياء كان ذَلِكَ دليلًا عَلَى حالة عرفت بذلك الشيء ينال الرائي أو أهل زمانه منها طرقًا.

قَالَ: فآدم عليه السلام تنبيه عَلَى الهجرة؛ لأن آدم خرج من الجنة بعداوة إبليس له وتحيليه عَلَى ذَلِكَ، فنظيره خروج الرسول - صلى الله عليه وسلم - من مكة بأذى قومه له وللمسلمين، وعيسى ويحيى دليل عَلَى ما سيلقاه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أذى اليهود؛ لأنهم قتلوا يحيى، وراموا قتل عيسى فرفعه الله إليه.

وكذلك فعلت اليهود برسول - صلى الله عليه وسلم -، داروا حول قتله حَتَّى سموا له الشاة، وأكل منها، فأخبرته الكتف بما صنعوا، وأقرت المرأة بذلك، وعفا عنها - صلى الله عليه وسلم -، وقال في مرض موته: "ما زالت أكلة خيبر تعاودني، فهذا أوان قطعت أبهري" (٢) ويوسف - عليه السلام - دليل عَلَى ظفره - صلى الله عليه وسلم - بقومه، وإحسانه إليهم. وقد ظفر بطائفة من أهله في غزوة بدر كالعباس عمه، وعقيل ابن عمه، وذلك قبل أن يسلما، فعفا عنهما، وفداهما، وقال يوم فتح مكة لما عفا عن قريش: "أقول كما قَالَ أخي يوسف: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ


(١) "شرح ابن بطال" ٢/ ١٢.
(٢) سيأتي برقم (٤٤٢٨) كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته.