للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد قيل: إن رؤيته كانت للعفريت وبجسمه حتى يربطه من خصوصياته كما خص برؤية الملائكة، وقد رآه يوم انصرافهم عن الخندق، ورأى في هذِه الليلة الشيطان وأقدر عليه لتجسمه؛ لأن الأجسام ممكن القدرة عليها، وأما غيره من الناس فلا يتمكن من هذا، ولا يرى أحد الشيطان على صورته غيره - صلى الله عليه وسلم - للآية السالفة، لكنه يراه سائر الناس إذا تشكل في غير شكله، كما تشكل للأنصاري في بيته صورة حية فقتله، فمات الأنصاري، ومن ذلك - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "إن بالمدينة جنا قد أسلموا" (١).

وسموا جنًّا لاستتارهم، وهم نوع من العالم، والإجماع قائم على وجودهم، وإنما أنكرت المعتزلة تسلطهم على البشر فقط.

سادسها:

معنى قوله: "فذكرت قول أخي سليمان أنه أعطي مملكة الجن، فلم أرد أن أزحمه فيما أعطي" فإذا لم يربطه، ويبعد أنه قال ذلك مع عدم القدرة عليه، وهذا الربط يحتمل أن يكون بعد تمامها، ويحتمل أن يكون فيها؛ لأنه شغل بشر.

سابعها:

فيه إباحة ربط ما ذكر في المسجد، وعليه ترجم البخاري: والأسير مثله. قال المهلب: وفيه ربط من خشي هروبه لحق عليه أو دين، والتوثق منه في المسجد، وغيره حكاه ابن بطال عنه، ثم قال: ورؤيته للعفريت هو مما خص به كما خص برؤية الملائكة، فقد أخبر أن جبريل له ستمائة جناح، وأخبرنا الله تعالى بذلك بقوله: {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (١٨)}.


(١) رواه مسلم برقم (٢٢٣٦) كتاب: السلام، باب: قتل الحيات وغيرها.