للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومعنى "يتعاقبون": تأتي طائفة بعد طائفة، ومنه تعقيب الجيوش، وهو: أن يذهب قوم ويجيء آخرون.

ثالثها:

اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله بعباده المؤمنين ومكرمته لهم أن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم عَلَى طاعة ربهم، فتكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير.

وقال ابن حبان في "صحيحه": فيه بيان أن ملائكة الليل إنما تنزل والناس في العصر، وحينئذ تصعد ملائكة النهار ضد قول من زعم أن ملائكة الليل تنزل بعد الغروب (١).

رابعها:

هؤلاء الملائكة هم الحفظة عند الأكثرين، وحينئذٍ فسؤال الله لهم بقوله: "كيف تركتم عبادي؟ " إنما هو سؤال عما أمرهم به من حفظهم لأعمالهم وكتبه إياها عليهم، ويحتمل أن يكونوا غيرهم، فسؤاله لهم إنما هو عَلَى جهة التوبيخ لمن قَالَ: {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [البقرة: ٣٠] وإظهار لما سبق من علمه إذ قال لهم: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٣٠]، وهذِه حكمة اجتماعهم في هاتين الصلاتين، أو يكون سؤاله لهم استدعاء لشهادته لهم، ولذلك قالوا: "أتيناهم وهم يصلون" إلى آخره، وهذا من خفي لطفه وجميل ستره، إذ لم يطلعهم


= أو بلحارث، وقيل: بعض هذيل.
انظر: "الكتاب" ٢/ ٤٠ - ٤١، "سر صناعة الإعراب" ص ٦٢٩، "البحر المحيط" ٣/ ٢٤، "همع الهوامع" ١/ ١٦٠، "معجم الشواذ النحوية" ص ١٠٨.
(١) "صحيح ابن حبان" ٥/ ٣٠ (١٧٣٧).