للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: (والصبح كانوا -أو كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها بغلس). المعنى: كانوا معه مجتمعين أو لم يكونوا معه مجتمعين، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يصليها بغلس، ولا يفعل فيها كما يفعل في العشاء، وإنما كان شأنه التعجيل فيها أبدًا، وهذا من أفصح الكلام، وفيه حذفان كما نبه عليه ابن بطال: حذف خبر كان، وهو جائز كحذف خبر المبتدأ؛ لقوله تعالى: {وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤]، أي: فعدتهن مثل ذَلِكَ: ثلاثة أشهر. وحذف الجملة التي هي الخبر لدلالة ما سلف عليه (١).

وقوله: (أو) يعني: لم يكونوا مجتمعين، حذف الجملة التي بعد (أوْ) مع كونها مقتضية لها. التقدير: أو لم يكونوا مجتمعين، كما قلناه، ويصح -كما قَالَ ابن التين- أن تكون كان هنا تامة، فتكون بمعنى الحضور والوقوع، ويكون المحذوف ما بعد (أوْ) خاصة.

ثالثها: في أحكامه:

فمنها: فضيلة أول الوقت، ومنها أن سقوط الفرض يدخل به وقت المغرب، ومنها أن تقديم العشاء أفضل عند الاجتماع، وتأخيرها عند عدمه، وهو قولٌ عند المالكية (٢)، والصحيح عند أصحابنا والمالكية التقديم أفضل مطلقا (٣). وأكثر أهل العلم عَلَى أن التأخير أفضل، حكاه الترمذي عن أكثر العلماء من الصحابة والتابعين (٤)، وبه يقول


(١) "شرح ابن بطال" ٢/ ١٨٧ - ١٨٨.
(٢) انظر: "التمهيد" ١/ ١٢٥، "النوادر والزيادات" ١/ ١٥٦.
(٣) انظر: "المدونة" ١/ ٨١، "التمهيد" ١/ ١٣١، "الأوسط" ٢/ ٦٥٩ - ٦٦٠.
(٤) "سنن الترمذي" عقب حديث (١٦٧).