للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويجمع بينهما بأنه يجوز أن يكون بينهما نوب، وهذا أولى من قول ابن الجوزي: كأنه مقلوب (١).

خاتمة: أذان ابن أم مكتوم اختلف العلماء في تأويله كما ذكره ابن بطال، فقال ابن حبيب: ليس قوله: أصبحت أصبحت إفصاحًا بالصبح بمعنى أن الصبح انفجر وظهر، ولكن بمعنى: التحذير من طلوعه؛ خيفة انفجاره، ومثله قاله الأصيلي والداودي، وسائر المالكيين، وقالوا: معنى: أصبحت: قاربت الصباح، كما قال تعالى: {فَإذَا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤] أي: قاربن؛ لأن العدة إذا تصت فلا رجعة، ولو كان أذان ابن أم مكتوم بعد الفجر لم يجز أن يؤمر بالأكل إلى وقت أذانه؛ للإجماع أن الصيام واجب من أول الفجر.

وأما مذهب البخاري في هذا الحديث على ما ترجم به الباب، فأراد به: كان بعد طلوع الفجر. والحجة له قول: "إن بلالًا يؤذن بليل"، لو كان أذان ابن أم مكتوم قبل الفجر لم يكن لقوله: إن بلالًا ينادي بليل


(١) قاله ابن الجوزي في "جامع المسانيد" كذا عزاه المصنف في "البدر المنير" ٣/ ٢٠٢.
وقال ابن خزيمة: خبر هشام بن عروة صحيح من جهة النقل، وليس هذا الخبر يضاد خبر سالم عن ابن عمر وخبر القاسم عن عائشة إذ جائز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد كان جعل الأذان بالليل نوائب بين بلال وبين ابن أم مكتوم. فأمر في بعض الليالي بلالًا أن يؤذن أولًا بالليل، فإذا نزل بلال صعد ابن أم مكتوم، فأذن بعده بالنهار، فإذا جاءت نوبة ابن أم مكتوم، بدأ ابن أم مكتوم فأذن بليل، فإذا نزل صعد بلال فأذن بعده بالنهار، وكانت مقالته - صلى الله عليه وسلم - أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل في الوقت الذي كانت النوبة في الأذان بالليل نوبة ابن أم مكتوم … "صحيح ابن خزيمة" ١/ ٢١٢.
قال المصنف -رحمه الله- معقبًا على هذا الكلام: وهذا جائز صحيح. وإن لم يصح، فقد صح خبر ابن عمرو وابن مسعود وسمرة وعائشة أن بلالًا كان يؤذن بليل. اهـ. "البدر المنير" ٣/ ٢٠٢.
وجمع ابن حبان ٨/ ٢٥٢ - ٢٥٣ بينهما بهذا الجمع فانظره.