للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الكلام: أنه تعالى لما تجلى لعباده المؤمنين أول مرة رأوه فيها، لم يزل كذلك، لكنهم انصرفوا عن رؤيته عند سجودهم، ثمَّ لما فرغوا منه عادوا إلى رؤيته مرةً ثانية (١).

والخطابي قَالَ: الإتيان هنا: كشف الحجاب لهم (٢) وقد مر.

والصورة إما بمعنى: الصفة، كقولنا: صورة هذا الأمر كذا وكذا. إذ المذكور من المعبودات صور فخرج الكلام عَلَى نوع من المطابقة.

وقوله: ("في أدنى صورة") يدل عَلَى أن المراد بالصورة: الصفة كما مر؛ لأنهم ما رأوه قبلها، فعلم أن المراد الصفة التي عرفوه بها.

وقوله: ("نعوذ بالله منك") هو قول المنافقين وإن كان اللفظ عامًّا، والرؤية هنا تكون بمعنى: العلم. قَالَ الله تعالى: {وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا} [البقرة: ١٢٨] أي: علمنا، وعند أبي الفرج بن الجوزي: يأتيهم بأهوال القيامة وصور الملائكة وما لم يعهدوا مثله في الدنيا فيستعيذون من تلك الحال ويقولون: إِذَا جاء ربنا. أي: أتانا بما نعرفه من لطفه، وهي الصورة التي يعرفون. فيكشف عن ساق أي: عن شدةٍ. كأنه يرفع تلك الشدائد فيسجدون شكرًا (٣).


(١) "المفهم" ١/ ٤١٦ - ٤١٨.
(٢) "أعلام المحدثين" ١/ ٥٢٥.
(٣) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات، فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها، وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة، ما رووه من الحديث، ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير، فلم أجد -إلى ساعتي هذِه- عن أحد من الصحابة أنه تأول شيئًا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف، بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته، وبيان أن ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأولين ما لا يحصيه =