للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العصر العباسي الأول، لكن المتوكل عجز عن ذلك لقوة نفوذهم في القصر والدواوين، وسيطرتهم على أغلب مواقع الدولة ونشاطها، حتى أصبحت كلمتهم هي العليا، مما أدى إلى انقسامات في الصفوف بسبب الصراع بين الطبقات، وخاصة بين الموالي والعرب الذين أبعدوا عن مناصبهم (١).

ومن الناحية العلمية، فقد أراح المتوكل الأمة من محنة القول بخلق القرآن، فرفعها وأبطل الجدال فيها (٢). وأمر العلماء بالحديث وإظهار السنة.

كما ظلت العلوم في ازدهار وتقدم مطرد. وكثرت مجالس العلم وانتشرف، فازدهرت الفلسفة وعلوم الطبيعيات والمنطق خاصة، وبرزت كثير من الآراء والنظريات العلمية، وتولدت مذاهب فقهية، وتفرع مذهب الاعتزال، وازدهر علم الكلام وعلم التفسير.

وفي هذا العصر بالذات، ازدهر تدوين الحديث وأفرد بالتأليف فيه، خلافًا لما كان عليه الأمر في القرن الثاني، حيث كانت كتب الحديث تجمع بين الصحيح والسقيم، وبين الحديث والفتاوى وأقوال التابعين وغيرها، وكما هو الشأن في "مصنف شعبة بن الحجاج" المتوفى سنة ١٦٠ هـ، و"مصنف الليث بن سعد" المتوفى سنة ١٧٥ هـ، و "موطأ مالك" المتوفى سنة ١٧٩ هـ، و"مصنف سفيان بن عيينة" المتوفى سنة ١٩٨ هـ، وغيرهم (٣).


(١) "تاريخ الدولة الإسلامية وتشريعها" ص ٢٥٢، ٢٥٣.
(٢) "التنبيه والإشراف" ص ٤٠٠.
(٣) "مفتاح السنة" ص ٢٨، ٢٩.