للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والأول أشبه؛ لأنها في الصلاة ليست كلامًا، وعن مالك أيضًا أن الإمام إذا لغا وشتم الناس فعليهم الإنصات ولا يتكلمون، وخالفه ابن حبيب قَالَ: وفعله ابن المسيب لما لغا الإمام أقبل سعيد على رجل يكلمه، وعنه أيضًا: إذا خطب في أمر ليس من الخطبة ولا من الصلاة من أمر كتاب يقرؤه ونحو ذلك فليس على الناس الإنصات (١)، وعن ابن مسعود: إذا رأيته يتكلم فاقرع رأسه بالعصى (٢).

وعن ابن المنذر: رخص مجاهد وطاوس في شرب الماء (٣)، ونقله عن الشافعي، وعن أحمد: إن لم يسمع الخطبة شرب، وقد سلف جمله في ذلك في باب: الاستماع إلى الخطبة فراجعه أيضًا (٤).

وقال ابن التين: معنى الحديث: المنع من الكلام عند الخطبة وأكد ذلك بأن من أمر غيره بالإنصات إذن فهو لاغٍ، وخص هذا تنبيهًا على أن كل متكلم لاغٍ، ثم قَالَ: فإن قلت: معنى لغوت: أمرت بالإنصات من لا يجب عليه، فالجواب أنه لا خلاف بيننا في الأمر بالإنصات وإلا فلا معنى للخطبة إن لم ينصت فيها للإمام ويسمع وعظه ويفهم أمره ونهيه، فلا يجوز أن يكون الأمر بالإنصات لاغيًا؛ لأجل أمره؛ لأن الإنصات مأمورٌ به في الجمعة فلم يبق إلا أن يكون لاغيًا لمَّا تكلم في وقت هو ممنوع من الكلام فيه.

وروى ابن شهاب أنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إذا خطب الإمام فاستقبلوه بوجوهكم وأصغوا إليه بأسماعكم، وارمقوه بأبصاركم" (٥).


(١) انظر: "النوادر والزيادات" ١/ ٤٧٥.
(٢) ذكره ابن المنذر في "الأوسط" ٤/ ٦٦.
(٣) "الأوسط" ٤/ ٧٣.
(٤) راجع شرح حديث (٩٢٩).
(٥) سبق تخريجه.