للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إذا تقرر ذلك فالكلام عليه من أوجه:

أحدها:

الجارية في النساء كالغلام في الرجال، ويقال على من دون البلوغ منهما.

ثانيها:

معنى تغنيان: ترفعان أصواتهما بالإنشاد، وكل من رفع صوته بشيءٍ ووالى به مرة بعد مرة فصوته عند العرب غناءٌ، وأكثره فيما ساق من صوت أو شجا من نغمة ولحن، ولهذا قالوا: غنت الحمام، ويغني الطائر. هذا قول الخطابي (١)، وفي رواية له في الباب بعده: وليستا بمغنيتين (٢)، وللنسائي: تضربان الدف بالمدينة.

وفي قوله: (ليستا بمغنيتين) إرشاد إلى أن ذلك ليس بالغناء الذي يهيج النفوس إلى أمور لا تليق، وإنما لم يتخذا الغناء صناعة وعادة.

قَالَ القرطبي: ولا خلاف في تحريم هذا الغناء؛ لأنه من اللهو واللعب المذموم بالاتفاق، فأما ما يسلم من المحرمات فيجوز القليل منه في الأعراس والأعياد وشبهها (٣)، ومذهب أبي حنيفة تحريمه، وبه يقول أهل العراق، ومشهور مذهبنا ومذهب مالك كراهته (٤)، وقد ألَّف الناس في تحريمه وإباحته تصانيف عديدة، والتحقيق ما ذكرناه.

وقد بسطت المسألة في "شرح المنهاج" في الشهادات فراجعها منه تجد ما يشفي الغليل (٥).


(١) "غريب الحديث" ١/ ٦٥٦ - ٦٥٧.
(٢) حديث (٩٥٢).
(٣) "المفهم" ٢/ ٥٣٤.
(٤) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي ٣/ ١٠٥٣.
(٥) وانظر لزامًا "تحريم آلات الطرب" للألباني.