للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"المجموعة" عن مالك في البحر: إذا جاوز البيوت ورفع (١).

واختار قوم من السلف: تقصر الصلاة قبل الخروج من بيوت القرية.

قَالَ ابن المنذر: روينا عن الحارث بن أبي ربيعة أنه أراد سفرًا فصلى بهم ركعتين في منزله، وفيهم الأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب عبد الله. وروينا معنى هذا القول عن عطاء، وسليمان بن موسى. وشذ مجاهد فقال: إذا خرجت مسافرًا فلا تقصر لو مكثت حَتَّى الليل، وإذا خرجت ليلًا فحتى تصبح (٢).

ولا أعلم أحدًا وافقه عليه، وهو مردود بالضرب في الأرض (٣)، وبفعله - صلى الله عليه وسلم - حين أتم الظهر بالمدينة، وقصر العصر بذي الحليفة (٤)، وإنما قصر إذا خرج من بيوت القرية، لا قبل ذلك؛ لأن السفر يحتاج إلى عمل ونية، وليس كالإقامة التي تصح بالنية دون العمل.

ولا شك أن المشقة حاصلة من ابتداء السفر إلى حين رجوعه، وسبب القصر في حديث أنس توجهه - صلى الله عليه وسلم - إلى مكة كما ذكره البخاري في بعض طرقه (٥)، لا أنه كان سفره إلى ذي الحليفة فقط، وبين المدينة وذي الحليفة من ستة أميال إلى سبعة. فلا حجة لمن أجاز القصر في قليل السفر، ولمن خرج إلى بستانه؛ لأن الحجة في السنة لا فيما خالفها، وإنما لم يترك عليّ القصر وهو يرى الكوفة حَتَّى يدخلها؛ لأنه كان حكمه حكم المسافر في ذلك الوقت. فلو أراد أن


(١) "النوادر والزيادات" ١/ ٤٢٠.
(٢) "الأوسط" ٤/ ٣٥٣ - ٣٥٤.
(٣) يومئ المصنف -رحمه الله- إلى آية [النساء: ١٠١] {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ}.
(٤) هو حديث أنس في الباب.
(٥) سيأتي برقم (١٧١٤) كتاب: الحج، باب: نحر البدن قائمة.