للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ولا خلاف بين الأئمة في جواز النافلة بالليل في السفر، وكان ابن عمر لا يفعله بالنهار في السفر، ويقول: لو كنت مسبحًا لأتممت.

يعني: لو كان التنفل جائزًا لكان الإتمام أولى. وابن عمر ممن صحب الشارع في سفره، وكان من أكثر الناس اقتداءً به، وذكر أنه لم يرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - يزيد في السفر على ركعتين. فلما لم يره بالنهار امتنع، ورآه يتنفل بالليل ففعله.

وأكثر العلماء على جوازه ليلًا ونهارًا، ودليلهم حديث أم هانئ الآتي أنه صلى يوم الفتح ثماني ركعات سبحة الضحى (١). ولعل ابن عمر لم يبلغه، وحكى ابن أبي صفرة أنه قَالَ: إنما صلاها قضاء لصلاته ليلة فتح مكة؛ لأنه اشتغل في تلك الليلة عن صلاة الليل.

وقال النووي: اتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة في السفر، واختلفوا في استحباب النوافل الراتبة، فكرهها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعي، وأصحابه، والجمهور (٢).

ولعل الشارع كان يصلي الرواتب في رحله، ولا يراه ابن عمر، فإن النوافل في البيت أفضل، أو لعله تركها في بعض الأوقات تنبيهًا على جواز تركها.

وأما ما يحتج به مَنْ تَرَكَ مِن أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة

أولى، فجوابه أن الفريضة محتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فهي إلى خيرة المكلف، فالرفق به أن تكون مشروعة ويخير، إن شاء فعلها وحصل ثوابها، وان شاء تركها ولا شيء عليه.


(١) الحديث الآتي.
(٢) "صحيح مسلم شرح النووي" ٥/ ١٩٨.