للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وجواب ثان؛ وهو أن الله فرض الصلاة خمسين ثم حط معظمها بشفاعة نبيه وجعل عزائمها خمسًا، فإذا عادت الأمة فيما استوهبت وألزمت متبرعة ما كانت استعفت منه لم يستنكر ثبوته فرضًا عليهم. وقد ذكر الله تعالى فريقًا من النصارى ابتدعوا رهبانية {مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} ثم لامهم لما قصروا فيها في قوله: {فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا} [الحديد: ٢٧] فخشي الشارع أن يكونوا مثلهم بقطع العمل شفقة على أمته.

وأجاب عن أمره أبا هريرة بالضحى والوصاية بها من وجهين:

أحدهما: أنه أفرده به وعلم أنه لا يثابر عليه الصحابة كمداومة أبي هريرة عليه، فأمن الافتراض به.

قلتُ: لم يفرده به بل شاركه فيه أبو ذر وأبو الدرداء كما سلف.

والثاني: أن يكون أوصاه بالمداومة عليها بعد موته - صلى الله عليه وسلم -، وهو وقت يؤمن فيه الافتراض.

قَالَ الداودي: وفي تخلفه؛ لئلا يفرض عليهم الفرار من قدر الله.

وفيه: صلاة النافلة جماعة، والجمع في المسجد ليلًا.

وقولها: (وَمَا سَبَّحَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ، وَإِنِّي لأُسَبِّحُهَا). كذا ثبت من حديث عروة عنها، والسبحة -بضم السين- النافلة. وقيل: الصلاة. قَالَ تعالى: {فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣)} [الصافات: ١٤٣] قَالَ المفسرون: من المصلين. وفي مسلم (١) عنها من طريق عبد الله بن شقيق كما سلف: أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الضحى؟ فقالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه (٢). وفيه عن معاذة عنها


(١) كتب فوقها في الأصل: (ت، س) أي: الترمذي والنسائي.
(٢) "صحيح مسلم" (٧١٧) كتاب صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة الضحى.