للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالملل على معنى المقابلة، وليس فيه ما يدل على أنه يمل العطاء إذا مللنا العمل، إلا من جهة دليل الخطاب إذا علق بالغاية، وبه قَالَ القاضي أبو بكر، وذكر الداودي أن أحمد بن أبي سليمان قَالَ: معناه: لا يمل وأنتم تملون. وقيل هي ها هنا بمعنى: حين. فهذِه أربعة أقوال.

وقال الهروي: قيل: إن الله لا يمل أبدًا مللتم أو لم تملوا، فجرى هذا مجرى قول العرب: حَتَّى يبيض القار (١).

ومعنى: ("فعليكم بما تطيقون من الأعمال") يحتمل الندب لنا إلى أن نكلف بما لنا به طاقة أو نهينا عما لا نطيق، والأمر بالاقتصار على ما يطيقه، وهو الأليق.

وقوله: ("من الأعمال") أراد به عمل البر؛ لأنه ورد على سببه،

وهو قول مالك: إن اللفظ الوارد على سبب مقصور عليه؛ ولأنه ورد من جهة صاحب الشرع فيجب أن يحمل على الأعمال الشرعية.

وقوله: ("بما تطيقون") يريد: بما لكم المداومة عليه طاقة، وقد اختلف السلف في التعليق بالحبل في النافلة عن الفتور والكسل، فذكر ابن أبي شيبة عن أبي حازم أن مولاته كانت في أصحاب الصفة قالت: وكانت لنا حبال نتعلق بها إذا فترنا ونعسنا في الصلاة، فأتى أبو بكر فقال: اقطعوا هذِه الحبال وأفضوا إلى الأرض. وقال حذيفة في التعلق في الصلاة: إنما يفعل ذلك اليهود (٢).

ورخص في ذلك آخرون. قَالَ عراك بن مالك: أدركت الناس في رمضان يربط لهم الحبال فيمسكون بها من طول القيام (٣).


(١) كما في "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير ٤/ ٣٦٠.
(٢) "المصنف" ١/ ٢٩٧ (٣٤٠٣ - ٣٤٠٤).
(٣) رواه ابن أبي شيبة ١/ ٢٩٧ (٣٤١٠) مَن كان يتوكأ.