للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن الجوزي: اختلف العلماء فيما إذا نذر أن يصلي في هذِه المساجد الثلاثة، فمذهب أحمد أنه يلزمه، وقال أبو حنيفة لا يلزمه بل يصلي حيث شاء. وعن الشافعي كالمذهبين. انتهى.

ولا يعترض بأن أبا هريرة أعمل المطي إلى الطور، فلما انصرف لقيه بصرة بن أبي بصرة، فأنكر عليه خروجه وقال له: لو أدركتك قبل أن تخرج ما خرجت، سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد" (١) فدل أن مذهب بصرة حمل الحديث على العموم في


= ولكن ليس هذا إجماعًا على ما صرحوا بالنهي عنه، أو بأنه ليس بقربة ولا طاعة.
والسفر لغير المساجد الثلاثة قد صرح مالك وغيره: كالقاضي إسماعيل، والقاضي عياض، وغيرهما: أنه منهي عنه، لا يفعله لا ناذر ولا متطوع، وصرحوا بأن السفر إلى المدينة وإلى بيت المقدس لغير الصلاة في المسجدين هو من السفر المنهي عنه ليس له أن يفعله، وإن نذره، سواء سافر لزيارة أي نبي من الأنبياء، أو قبر من قبورهم، أو قبور غيرهم. أو مسجد غير الثلاثة: فهذا كله عندهم من السفر المنهي عنه، فكيف يقولون: إنه قربة،
ولكن الإجماع على تحريم اتخاذه قربة لا يناقض النزاع في الفعل المجرد، وهذا الإجماع المحكي عن السلف والأئمة لا يقدح فيه خلاف بعض المتأخرين إن وجد، ولكن إن وجد أن أحد من الصلحاء المعروفين من السلف قال: إنه يستحب السفر لمجرد زيارة القبور، أو لمجرد زيارة قبور الأنبياء والصالحين كان هذا قادحًا في هذا الإجماع، ويكون في المسألة ثلاثة أقوال.
ولكن الذي يحكي الإجماع لم يطلع على هذا القول، كما يوجد ذلك كثيرًا لكثير من العلماء، ومع هذا فهذا القول يرد إلى الكتاب والسنة، لا يجوز إلزام الناس به بلا حجة، فإن هذا خلاف إجماع المسلمين. "مجموع الفتاوى" ٢٧/ ٢٣١ - ٢٣٢.
(١) رواه النسائي ٣/ ١١٣: ١١٥ كتاب: الجمعة، باب: الساعة التي في يوم الجمعة، ومالك ١/ ١٧٨ (٤٦٣) كتاب: الجمعة، باب: الساعة التي في يوم الجمعة، وعبد الرزاق ١/ ١٧٨ (٤٦٣) كتاب: المناسك، باب: ما تشد إليه الرحال، وأحمد ٦/ ٧، وابن حبان في "صحيحه" ٧/ ٧ (٢٧٧٢) كتاب: الصلاة، بابك صلاة الجمعة،