للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد احتج قوم من أهل الظاهر بحديث أبي سعيد، وزعموا أن كلامه عليه الصلاة والسلام يوم ذي اليدين خصوص له، وقالوا: لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن الله تعالى قَالَ: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: ٢٤] فلا يتكلم أحد ولا يجيب غير الرسول (وهذا ما عليه جمهور أصحابنا) (١).

وقال ابن بطال: لا حجة فيه؛ لأن معنى الآية: استجيبوا بما استجاب به المصلي من قول: سبحان الله، وإشارة تفهم عنه كما كان - صلى الله عليه وسلم - يرد السلام على الأنصار بالإشارة حين دخلوا عليه في مسجد قباء وهو يصلي (٢). وكذلك قَالَ: "من نابه شيء في صلاته فليسبح" (٣).

وفي الحديث أيضًا دلالة على أن من أخذ بالشدة في أمور العبادات كان أفضل إذا علم من نفسه قوة على ذلك؛ لأن جريجًا دعا الله في التزام الخشوع له في صلاته وفضله على الاستجابة لأمه، فعاقبه الله على ترك الاستجابة لها، بما ابتلاه من دعوة أمه عليه، ثم أراه فضل ما آثره من مناجاة ربه والتزام الخشوع له أن جعل له آية معجزة في كلام الطفل، فخلصه بها من محنة دعوة أمه عليه.

وفيه أيضًا: أن من دعته أمه في صلاة لا يخشى فواتها أن يجيبها،


(١) عليها في الأصل علامة (لا .. إلى).
(٢) روى هذا الحديث أبو داود (٩٢٧) في الصلاة، باب: رد السلام في الصلاة، والترمذي (٣٦٨) باب: ما جاء في الإشارة في الصلاة، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي ٣/ ٥ في السهو، باب: رد السلام بالإشارة في الصلاة، وابن ماجه (١٠١٧) كتاب: إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: المصلي يسلم عليه كيف يرد. عن ابن عمر. وقال الألباني في "صحيح أبي داود" برقم (٨٦٠): إسناده حسن صحيح.
(٣) سبق برقم (٦٨٤) كتاب: الأذان، باب: من دخل ليؤم الناس ..