للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فنزع نعليه، فسئل عن ذلك، فحَدَّثنَا بحديث بشير.

وذكر عبد الحق عن ابن أيمن أن بشيرًا هو المقول له (١)، فأجاب الخطابي عنه بأن قَالَ: يشبه أن يكون إنما كره ذلك لما فيها من الخيلاء؛ لأنها من لباس أهل الشرف والتنعم، فأحب أن يكون دخوله المقبرة على زي التواضع والخشوع (٢). واعترضه ابن الجوزي فقال: هذا تكلف منه؛ لأن ابن عمر كان يلبس النعال السبتية، ويتوخى السنة في نعاله، إما لأن نعاله - صلى الله عليه وسلم - كانت سبتية، أو لأن السبتية تشبهها، وما كان ابن عمر يقصد التنعم بل يقصد السنة.

وليس في هذا الحديث سوى الحكاية عمن يدخل المقابر، وذلك لا يقتضي إباحة ولا تحريمًا، ويدل على أنه أمره بخلعهما احترامًا للقبور؛ لأنه نهى عن الاستناد إليه والجلوس عليه، وأحسن من ذلك كله أنه ورد في بعض الأحاديث أن صاحب القبر كان يسأل فلما سمع صرير السبتيتين أصغى إليه، فكاد يهلك؛ لعدم جواب الملكين، فقال له - صلى الله عليه وسلم -: "ألقهما؛ لئلا تؤذي صاحب القبر" ذكره أبو عبد الله الحكيم الترمذي. وأبعد ابن حزم فقال: يحرم المشي بهما بين القبور (٣)، ولا يكره عندنا المشي بالنعلين فيها (٤). وقال الماوردي: يخلعهما، على طِبق الحديث (٥). وكرهه أحمد كما سلف (٦)، وسواء فيه النعل والخف، وأكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسًا.


(١) "الأحكام الوسطى" ٢/ ١٤٨ - ١٤٩ حيث قال: خرج محمد بن عبد الملك بن أيمن عن بشير … الحديث.
(٢) "معالم السنن" ١/ ٢٧٦.
(٣) "المحلى" ٥/ ١٣٧.
(٤) انظر: "البيان" ٣/ ١٢٥.
(٥) "الحاوي" ٣/ ٦٩.
(٦) انظر: "المغني" ٣/ ٥١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>