للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

استعاذت منه، وقد دخل الملكان على داود في شبه آدميين يختصمان عنده فلم يعرفهما، وقد جاء جبريل إلى سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسأله عن الإيمان ولم يعرفه، وقال: "ما أتاني في صورةٍ قط إلا عرفتُه فيها غير هذه المرة" (١) فكيف يستنكر أن لا يعرف موسى الملك حين دخل عليه.

واعترض على هذا بما في الحديث: "يا رب أَرْسَلْتَنِي إِلَي عَبْدٍ لَا يُرِيدُ المَوْتَ"، فلو لم يعرفه موسى لما صح هذا من الملك.

وأما قول الجهمي: إن الرب تعالى لم يقتص للمَلَك؛ فهو دليل على جهله، ومن أخبره أن بين الملائكة والآدميين قصاصًا؟! ومن أخبره أن ملك الموت طلب القصاص من موسى فلم يقتص له؟! وقد أخبر الله تعالى أن موسى قتل نفسًا ولم يقتص منه، وما الدليل على أن ذلك كان عمدًا، وقد أخبر نبينا - صلى الله عليه وسلم - أن الله تعالى لم يقبض نبيًّا حَتَّى يريه مقعده من الجنة ويخيره (٢) فلم ير أن يقبض روحه قبل أن يريه مقعده من الجنة ويخيره، ويدل على صحة هذا أنه لما رجع إليه ثانيًا استسلم.

وقول من قَالَ: فقأ عينه بالحجة ليس بشيء لما في الحديث: "فردَّ الله عينَهُ"، فإن قيل: رد حجته فغير جيد أيضًا، وقال ابن قتيبة في "مختلفه": أذهب موسى العين التي هي تخييل وتمثيل وليست على


(١) هذا جزء من حديث رواه أحمد ١/ ٥٢ - ٥٣، والنسائي في "الكبرى" ٣/ ٤٤٦ - ٤٤٧ (٥٨٨٣) كتاب: العلم، باب: توقير العلماء.، والطبراني ١٢/ ٤٣٠ - ٤٣١ من حديث ابن عمر رضي الله عنه وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١/ ٤١: رواه الطبراني في "الكبير" ورجاله.
(٢) سيأتي برقم (٤٤٣٧) كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ورواه مسلم برقم (٢٤٤٤) كتاب: "فضائل الصحابة" باب: في فضل عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>