للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهذِه الأحاديث تدل ألفاظها على أن المعنى: الجميع يولدون على الفطرة (١). انتهى.

أما حديث أبي سعيد: ففيه ابن جدعان، وهو ضعيف ثم لا معارضة بينه وبين من قَالَ بالعموم؛ لأنه من ولد مؤمنًا وعاش عليه ومات عليه، وكذا عكسه وما أشبهه كله راجع إلى علم الله تعالى، فإنه قد يولد الولد بين مؤمنين، والعياذ بالله يكون سبق في علم الله تعالى غير ذلك، وكذا من ولد بين كافرين، وإلى هذا أيضًا يرجع غلام الخضر.

قَالَ أبو عمر: وقد اختلف العلماء في هذِه الفطرة، فذكر أبو عبيد أنه سأل محمد بن الحسن عن معنى هذا الحديث، فما أجابه بأكثر من أن قَالَ: هذا القول من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قبل أن يؤمر الناس بالجهاد. كأنه حاد عن الجواب إما لإشكاله أو لكراهة الخوض فيه. وقوله: قبل أن يؤمر الناس بالجهاد غير جيد؛ لأن في حديث الحسن عن الأسود بن سريع بيان أن ذلك كان بعد الجهاد وهو قوله: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال قوم بلغوا في القتل إلى الذرية، إنه ليس من مولود إلا وهو يولد على الفطرة فيعبر عنه لسانه" (٢) وهو حديث بصري صحيح (٣).


(١) "التمهيد" ٦/ ٣٥٠ - ٣٥٣.
(٢) رواه النسائي في "الكبرى" ٥/ ١٨٤ (٨٦١٦) كتاب: السير، باب: النهي عن قتل ذراري المشركين، وأحمد ٣/ ٤٣٥، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" ٢/ ٣٧٥ (١١٦٠)، والطبراني في "الكبير" ١/ ٢٨٤ (٨٢٩، ٨٣٢)، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ١٢٣ كتاب: الجهاد، والبيهقي في "السنن" ٩/ ٧٧ كتاب: السير، باب: النهي عن قصد النساء والولدان بالقتل، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٥/ ٣١٦: رواه أحمد والطبراني، وبعض أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح.
(٣) "التمهيد" ٦/ ٣٥٣ - ٣٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>