للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: جواز الاختلاف والاجتهاد في الآراء، ألا ترى أن عثمان ومن كان بحضرته من الصحابة لم يرد أبا ذر عن مذهبه، ولا قالوا: إنه لا يجوز لك اعتقاد قولك؛ لأن أبا ذر نزع بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستشهد به، وذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاَثةَ دَنَانِيرَ". وذلك حين أنكر على أبي هريرة نصل سيفه استشهد على ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ ترَكَ صفراءَ أو بَيْضاءَ كوِيَ بِها" (١).

وهذا حجة في أن الاختلاف في العلم باق إلى يوم القيامة لا يرتفع إلا بالإجماع، وقد روى ابن أبي شيبة من حديث الأحنف بن قيس قَالَ: كنت جالسًا في مسجد المدينة فأقبل رجل لا تراه حَلْقَةٌ إلا فروا منه، حَتَّى انتهى إلى الحلقة التي كنت فيها فثبت وفروا، فقلت: علام يفر الناس منك؟ قَالَ: إني أنهاهم عن الكنوز قلتُ: إن أُعطياتنا قد ارتفعت وكثرت فتخاف علينا منها؟ قَالَ: أما اليوم فلا، ولكنها توشك أن تكون أثمان دينكم، فدعوهم وإياها (٢).

والربذة: على ثلاث مراحل من المدينة، حمى عمر كما ستعلمه، والربذة أيضًا: موضع بين بغداد ومكة (٣)، قاله (الرشاطي) (٤).

وأما حديث أبي سعيد فلنقدم الكلام فيه هنا استباقًا للخيرات وإن قلنا فيما مضى: إنه يأتي. فنقول: الأواق جمع أوقية، وهي ما كان


(١) "تفسير الطبري" ٦/ ٣٥٩ (١٦٦٧٥).
(٢) "المصنف" ٢/ ٤٢٧ (١٠٦٩٥) كتاب: الزكاة، ما ذكر في الكنز والبخل بالحق في المال، و ٧/ ١٤١ (٣٤٦٨٠) كتاب: الزهد، كلام أبي ذر - رضي الله عنه -، و ٧/ ٤٦٩ (٣٧٢٨٩) كتاب: الفتن، من كره الخروج في الفتنة وتعوذ منها.
(٣) "معجم ما استعجم" ٢/ ٦٣٣ - ٦٣٤، و"معجم البلدان" ٣/ ٢٤ - ٢٥.
(٤) في (م): الدمياطي.

<<  <  ج: ص:  >  >>