للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

انحداره فيما مضى (١).

وفيه: أن التهليل في بطن الوادي من سنن المرسلين صلوات الله عليهم أجمعين. فإن قيل: فكيف يحجون، ويلبون، وهم في الدار الآخرة، وليست دار عمل؟ فالجواب: أنهم أحياء في هذِه الدار عند ربهم -عز وجل-؛ ولأن عمل الآخرة ذكر ودعاء، قال تعالى: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ} [يونس: ١٠] والتلبية دعاء، وحبب إليهم ذَلِكَ فيتعبدون بما يجدون من دواعي أنفسهم، لا بما يلزمون، كما يحمده، ويسبحه أهل الجنة.

قال - عليه السلام -: "يلهمون التسبيح كما يلهمون النفس" (٢) ويحتمل أن هذِه رؤية منام في غير ليلة الإسراء، أو في بعض ليلة الإسراء.

ويحتمل أنه أري أحوالهم التي كانت في حياتهم، ومثلوا له في حال حياتهم كيف كانوا، وكيف حجهم وتلبيتهم، كما قال: "كأني أنظر إلى موسى" (٣) "كأني أنظر إلى عيسى" أو يكون أخبر عن الوحي في أمرهم، وما كان منهم، وإن لم يرهم رؤية عين.

وزعم الداودي أن قول من روى "موسى" وهم من الرواة؛ لأنه لم يأت أثر ولا خبر عن موسى أنه حي، وأنه سيحج، إنما ذَلِكَ عن عيسى، فاختلط على الراوي، فجعل فعل عيسى لموسى، بيانه قوله في حديث آخر: "ليهلن ابن مريم بفج الروحاء" (٤).


(١) "إكمال المعلم" ١/ ٥١٨.
(٢) رواه مسلم من حديث جابر برقم (٢٨٣٥) كتاب: الجنة ونعيمها، باب: في صفات الجنة، وأحمد ٣/ ٣٤٩، وأبو يعلى في "مسنده" ٣/ ٤١٨ (١٩٠٦).
(٣) رواه مسلم (١٦٦).
(٤) رواه مسلم من حديث أبي هريرة (١٢٥٢) كتاب: الحج، باب: إهلال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهديه.

<<  <  ج: ص:  >  >>