للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (في الفتنة) يريد فتنة الحجاج ونزوله على ابن الزبير.

وقوله: (صنعنا كما صنعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، يريد أنه يحل دون البيت، ويجزئ عنه نسكه ولو لم يكن محرمًا ما دخل فيه؛ لأنه بمنزلة من تعرض لفوات النَّسك وإبطاله، ويحتمل كما قال ابن التين: أن يكون ابن عمر لم يتيقن نزول الجيش، وإنما كان يتيقيه ويخاف أن يكون، ويحتمل أن يكون تيقن نزوله، ولم يتقين صدَّه له؛ لما كان عليه من اعتزال الطوائف، ويبينه قوله: (إن صددت عن البيت) ولو لم يتيقن العذر المانع لما جاز أن يحرم؛ لأنه تلبس بعبادة يتيقن أنها لا تتم فيكون كالقاصد غير البيت بنسكه أو ملتزمًا لتمام النسك، ومطرحًا للإحلال بالحصر وعلى من فعل ذَلِكَ إتمام نسكه، ولا يحل دون البيت، قاله ابن الماجشون (١)، ومما يبينه أنه - عليه السلام - لم يتيقن أن يصد عام الحديبية؛ لأنه لم يأتهم محاربًا، وإنما قصد العمرة ولم تكن قريش تمنع من قصد الحج والعمرة.

وقوله: (أليس حسبكم). أي: أليس تكفيكم سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ لأن الحسب الكفاية، ومنه حسبنا الله أي: كافينا.

وقال ابن عبد البر: اتفق مالك والشافعي على أن المحصر ينحر هديه حيث حبس وصد في الحل كان أو في الحرم، وخالفهما أبو حنيفة وأهل الكوفة، واختلفوا في موضع نحره يوم الحديبية هل كان في الحل أو في الحرم؟ فكان عطاء يقول: لم ينحر هديه يومها إلا في الحرم، وهو قول ابن إسحاق، وقال غيره من أصحاب المغازي: لم ينحره إلا في الحل وهو قول الشافعي (٢)، وقد سلف الخلاف فيه هناك.


(١) "المنتقى" ٢/ ٢٧٥.
(٢) "الاستذكار" ١٢/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>