للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتجوا: بأن ذبح النبي - صلى الله عليه وسلم - بهديه حين صد كان في الحرم، ثم ذكر حديث ناجية السالف (١).

وقال آخرون: كان بالحديبية، وهو يقدر على دخول الحرم، ولم يكن صد عن الحرم، وإنما صد عن البيت، واحتجوا بحديث ابن إسحاق، عن الزهري، عن المسور: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بالحديبية، خباؤه في الحل، ومصلاه في الحرم (٢)، ولا يجوز في قول أحد من العلماء لمن قدر على دخول شيء من الحرم أن ينحر هديه دون الحرم، فلما ثبت بالحديث الذي ذكرنا أنه - عليه السلام - كان يصل إلى الحرم استحال أن يكون نحر الهدي في غيره؛ لأن الذي يبيح نحر الهدي في غيره إنما يبيحه في حال الصد عن الحرم، لا في حال القدرة على دخوله فانتفي مما ذكرناه أن يكون - عليه السلام - نحر الهدي في غير الحرم، وهذا قول أبي حنيفة وصاحبيه، واحتج من سلف بما ذكرناه قبل الإحصار في الحج؛ لأن فيه أن عليًا نحر الجزور دون الحرم، والحجة عليهم في ذَلِكَ أنهم لا يبيحون لمن كان غير ممنوع من الحرم أن يذبح في غير الحرم وإنما يختلفون إذا كان ممنوعًا منه فدل أن عليًّا إنما نحر فيه في غير الحرم، وهو واصل إلى الحرم، أنه لم يكن أراد به الهدي، وإنما أراد به الصدقة والتقرب إلى الله تعالى مع أنه ليس في الحديث أنه أراد به الهدي، فكما يجوز لمن حمله على أنه هدي ما حمله عليه، فكذلك يجوز لمن حمله على أنه ليس بهدي ما حمله عليه (٣).


(١) تقدم تخريجه، وقد رواه النسائي في "الكبرى" ٢/ ٤٥٣ (٤١٣٥)، والطبري ٢/ ٢٣٢ (٣٣١٢).
(٢) رواه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٤٢.
(٣) "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٤١ - ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>