للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بما قل أو كثر فقد فعل ما لا يجوز، واختلفوا في ذَلِكَ، فقالت طائفة: إنْ دل محرم حلالًا على صيد أو أشار إليه أو ناوله سيفًا أو شبهه حَتَّى قتله فعلى المحرم الدال أو المعين له الجزاء، روي ذَلِكَ عن علي وابن عباس (١)، وقال به عطاء والكوفيون وأحمد وإسحاق، واحتجوا بقوله: "هل أشرتم أو أعنتم؟ " قالوا: لا. فدل ذَلِكَ أنه إنما يحرم عليهم إذا فعلوا شيئًا من هذا، ولا يحرم عليهم بما سوى ذَلِكَ، فجعل الإشارة والمعاونة كالقتل؛ لأن الدلالة سبب يتوصل به إلى إتلاف الصيد، فوجب الجزاء، دليله من نصب شبكة حَتَّى وقع فيها صيد فمات، وقال مالك وابن الماجشون والشافعي وأبو ثور: لا جزاء على الدال، وهو قول أصبغ، واحتجوا فقالوا: الدال ليس بمباشر للقتل، وقد اتفقنا على أنه لو دل حلال حلالًا على قتل صيد في الحرم لم يكن على الدال جزاء؛ لأنه لم يحصل منه قتل الصيد، فكذلك ها هنا، وقد تقرر أنه لو دل على رجل مسلم فقتله المدلول لم يجب على الدال ضمان، وحرمة المسلم أعظم من حرمة الصيد، ولا حجة للكوفيين في حديث أبي قتادة؛ لأنه إنما سألهم عن الإشارة والمعاونة؛ لأجل أنه يكره لهم أكلُه، ولم يتعرض لذكر الجزاء، فمن أثبت الجزاء فعليه الدليل، وأيضًا فإن القاتل انفرد بقتله بعد الدلالة بإرادته واختياره مع كون الدال منفصلًا عنه فلا يلزمه ضمان، وهذا كمن دل محرمًا أو صائمًا على امرأة فوطئها، ومحظورات الإحرام لا تجب فيها الكفارات بالدلالة كمن دل على طيب أو لباس (٢).


(١) رواه ابن أبي شيبة ٣/ ٤٠٠ (١٥٥١٥). وقول عطاء فيه: (١٥٥١٣).
(٢) انظر: "المبسوط" ٤/ ٧٩ - ٨٠، "المنتقى" ٢/ ٢٤١، "الأم" ٢/ ١٧٦، "المجموع" ٧/ ٣٥١ - ٣٥٢، "المغني" ٥/ ١٣٣، "الفروع" ٣/ ٤١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>