للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ير عمر لما نفر الحمامة عليه شيئًا حَتَّى تلفت، ورأى أن تلفها كان من سبب تنفيره، وإنما استجاز عمر تنفيره من الموضع الذي كان واقفًا عليه مع علمه بأن تنفير صيده غير جائز، لأنه ذرق على يده فكان له طرده عن الموضع الذي يلحقه أذاه في كونه فيه، وكذلك كان عطاء يقول في معنى ذَلِكَ، قال ابن جريج: قلت لعطاء: كم في بيضة من بيض الحمام؟ قال: نصف درهم. ويحكم فيه، فقال له إنسان: بيضة وجدتها على فراشي أميطها عنه؟ قال: نعم. قال: وجدتها في سهوة أو في مكان من البيت، قال: لا تمطها (١)، فرأى عطاء أن المميط عن فراشه بيضة من بيض حمام الحرم غير حرج ولا لازم بإماطته إياها شيء؛ لأن في تركه إياها على فراشه عليه أذى، ولم ير جائزًا إماطتها عن الموضع الذي لا أذى عليه في كونها فيه، فكذلك كان فعل عمر في إطارته الحمامة التي ذرقت على يده في الموضع الذي كانت واقفة عليه.

وقال داود: من قتل صيدًا في الحرم فلا جزاء عليه، واتفق الفقهاء كما قال الطبري: أن نهيه عن اختلاء خلاها هو مما ينبت فيه مما أنبته الله تعالى، ولم يكن للآدمي فيه صنع، فأما ما أنبته الآدميون فلا بأس باختلائه.

واختلف السلف في الشرعي في خلاها: هل هو داخل في هذا النهي أم لا؟

فقال بعضهم: لا، ولا بأس به، وروي ذَلِكَ عن طاوس وعطاء ومجاهد وابن أبي ليلى إلا أنه لا يحبط، وحكى ابن المنذر مثله عن


(١) رواه عبد الرزاق في "المصنف" ٤/ ٤١٨ (٨٢٨٦) كتاب: الحج، باب: بيض الحمام -مختصرًا- ورواه بتمامه الأزرقي في "أخبار مكة" ٢/ ١٤٢، والفاكهي ٣/ ٣٨٦ - ٣٨٧ (٢٢٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>