للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بغير إحرام لمن لم يرد الحج والعمرة، فقالا مرة: لا يجوز دخولها إلا به؛ لاختصاصها ومباينتها جميع البلدان إلا للحطابين ومن قرب منها مثل جدة والطائف وعسفان؛ لكثرة ترددهم إليها، وبه قال أبو حنيفة والليث، وعلى هذا فلا دم عليه. نص عليه في "المدونة" (١)، ووافقه القاضي في "المعونة"، وخالف في تلقينه والخلاف في مذهبنا أيضًا، وقالا مرة أخرى: دخولها به استحباب لا واجب.

قال ابن بطال: وإليه ذهب البخاري محتجًّا بقوله: (ممَنْ أَرَادَ الحَجَّ وَالعُمْرَةَ) فدل إن لم يردهما فليس ميقاتًا له، واستدل بحديث الباب: وهو غير محرم. وبه احتج ابن شهاب، ولم يره خصوصًا به - عليه السلام -، وأجاز دخولها بغير إحرام، وهو قول أهل الظاهر، وقال الطحاوي: قول أبي حنيفة وأصحابه في أن من كان منزله في بعض المواقيت أو دونها إلى مكة، فله أن يدخل مكة بغير إحرام، ومن كان منزله قبل المواقيت لم يدخل مكة إلا بإحرام (٢)، وأخذوا في ذَلِكَ بما روي عن ابن عمر أنه خرج من مكة وهو يريد المدينة، فلما كان قريبًا من قديد بلغه خبر من المدينة رجع فدخل حلالًا (٣)، وقال آخرون: حكم المواقيت حكم ما قبلها (٤).

قال الطحاوي: ووجدنا الآثار تدل على أن ذَلِكَ من خواصه بقوله: "فلا تحل لأحد بعدي" وقد عادت حرامًا إلى يوم القيامة فلا يجوز لأحد أن يدخلها إلا بإحرام، وهو قول ابن عباس والقاسم والحسن


(١) "المدونة الكبرى" ٢/ ٣٧٨.
(٢) "شرح معاني الآثار" ٢/ ٢٥٩.
(٣) رواه مالك في "الموطأ" ص ٢٧٣، وابن أبي شيبة ٣/ ٢٠٣ (١٣٥٢٤)، والطحاوي ٢/ ٢٦٣، والبيهقي ٥/ ١٧٨.
(٤) انتهى من "شرح ابن بطال" ٤/ ٥١٧ - ٥١٨. بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>