للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأحمد وإسحاق، وكرهوا أن يصام اليوم الذي يشك فيه، ورأى أكثرهم أن صيامه مكان يوم من شهر رمضان أن يقضي يومًا مكانه (١).

واحتج القاضي في "شرح الرسالة" عَلَى أبي حنيفة في تجويزه صوم يوم الشك عَلَى أنه لرمضان بحديث ابن عمر، وفيه: "لا تصوموا حَتَّى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". فنهى عن صومه إلا بأحد هذين الشرطين، فمتى لم يوجدا أو أحدهما فيجب أن لا يجزئه، وقد أسلفنا أن كافة الفقهاء ذهب إلى معنى "فَاقْدُرُوا لَهُ" مجمل يفسره قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فأكملوا العدة ثلاثين يومًا"، وكذلك جعل مالك في "الموطأ": "فأكملوا العدة ثلاثين يومًا" بعد قوله: "فَاقْدُرُوا لَهُ" (٢) كما صنع

البخاري؛ لأنه مفسر ومبين لمعنى قوله: "فَاقْدُرُوا لَهُ".

وحكى ابن سيرين أن بعض التابعين كان يذهب في معناه إلى اعتباره بالنجوم ومنازل القمر وطريق الحساب (٣)، وقد سلف.

والحديث نص أنه لم يرد اعتبار ذَلِكَ بالنجوم والمنازل؛ لأنه لو كلف ذَلِكَ أمته لشق عليهم؛ لأنه لا يعرف النجوم والمنازل إلا قليل من الناس، ولم يجعل الله تعالى في الدين من حرج، وإنما أحال عَلَى إكمال الثلاثين يومًا وهو شيء يستوي في معرفته الكل. وقد انضاف إلى أمره باعتبار ثلاثين عند عدم الرؤية بفعله في نفسه، فعن عائشة: كان - صلى الله عليه وسلم - يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من سائر المشهور، فإذا رآه صام، وإن غم عدَّ شعبان ثلاثين وصام. ولو كان ها هنا علم آخر لكان يفعله أو يأمر به (٤).


(١) "سنن الترمذي" عقب حديث (٦٨٦).
(٢) "الموطأ" ص ١٩٢.
(٣) ذكره ابن عبد البر في "التمهيد" ١٤/ ٣٥٠.
(٤) تقدم تخريجه باستيفاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>