للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعدها. قال تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} [الجمعة: ١٠] وروى ذلك عن النخعي، كما قال ابن عمر: لا يصام يوم عرفة بعرفة من أجل الدعاء (١). ومنهم من قال: الحكمة فيه لئلا يعتقد وجوبه وهو منقوض بالصوم المرتب كعرفة وغيرها، ومنهم من قال: إنه أفضل الأيام، فخشي افتراضه كقيام رمضان، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه عمر ومنهم من قال: لئلا يلتزم الناس من تعظيمه ما التزمت اليهود في السبت وفيه نظر؛ لأن فيه وظائف حث الشارع عليها، وعبر بعضهم فيه عنه بأنه يوم يجب صومه على النصارى، ففي صومه تشبيه لهم.

وقال الطحاوي بعد أن روى حديث أبي هريرة: "إن يوم الجمعة عيدكم" كره أن يقصد إلى يوم بعينه بصوم للتفرقة بينه وبين شهر رمضان وسائر الأيام؛ لأن فريضة الله في رمضان بعينه وليس كذلك

سائر الأيام (٢).

والمعتمد الأول أن معناه: التقوي على وظائفه، وإنما زالت الكراهة

بصوم يوم معه لجبر ساقه فحصل من فتور أو تقصير في وظائف الجمعة بسبب صومه. وللشافعي قول أنه لا يكره إلا لمن كان إذا صامه منعه عن الصلاة التي لو كان مفطرًا لفعلها، رواه المزني في "جامعه الكبير". وفي لفظ: لا يتبين لي أنه نهى عن صومه إلا على الاختيار.

قال ابن الصباغ: وحمل الشافعي أحاديث النهي على من كان الصوم يضعفه ويمنعه من الطاعة. وقال صاحب "البيان" -من


(١) انظر "مصنف عبد الرزاق" ٤/ ٢٧٩ (٧٨٠٣)، ٤/ ٢٨٠ (٧٨٠٥)، ٤/ ٢٨١ (٧٨١٠، ٧٨١١)، ٤/ ٢٨٢ (٧٨١٣)، "روضة الطالبين" ٢/ ٣٨٧، "المغني" ٤/ ٤٢٦ - ٤٢٧، "مسائل أحمد برواية الكوسج" ١/ ٢٩٣.
(٢) "شرح معاني الآثار" ٢/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>