للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلًا في الإسناد ونقصها بعضهم، فيوردها البخاري على الوجهين، إذ صح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر، ثم لقي الآخر فحدثه به، فكان يرويه على الوجهين.

وقد يورد البخاري الحديث لتسمية راو، أو التنبيه على زيادة في الرواية، فيراعي تقديم الحديث الأولى.

ومن أجل ذلك يتضح أن الإمام البخاري، لم يكن يورد الحديث الواحد في صحيحه أكثر من مرة، إلا لفائدة ولغاية من ترجمته، قال ابن حجر: "وبهذا يعلم أن البخاري لا يعيد إلا هادفًا للفائدة، حتى لو لم تظهر لإعادته فائدة، من جهة الإسناد، ولا من جهة المتن، لكانت الفائدة لإعادته من أجل مغايرة الحكم الذي تشتمل عليه الترجمة الثانية، موجبًا أنه لا يعد مكررًا بلا فائدة، وهي تعدد الطرق، فضلًا عن إبراز الأحكام المتعددة (١).

وما ألطف ما قال في هذا المعنى ابن الديبع:

قالوا: المسلم فضل. قلتُ: البخاري أعلى.

قالوا: المُكرر فيه. قلتُ: المُكرر أحْلى.

لقد كان هدف البخاري دائمًا استخراج المسائل واستنباط الفوائد، والنزول إلى أعماق الحديث، والتقاط درره، فقد روى حديث بريرة عن عائشة أكثر من اثنتين وعشرين مرة، لإبراز أحكام وقواعد جديدة منه في كل مرة يرويه.


(١) "الإمام البخاري محدثًا وفقيهًا" ص ٢٠٣.