للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهو في مسلم أيضًا (١)، وقال: سألته عن بيع النخل واعترض ابن بطال، فقال: هذا الحديث ليس من هذا الباب، وإنما هو من الباب الذي بعده، وغلط فيه الناسخ (٢).

قلت: لم يغلط فيه، قال ابن المنير: التحقيق أنه من هذا الباب، وقلَّ من يفهم ذلك إلا مثل البخاري، ووجهه: أن ابن عباس لما سئل عن السلم إلى من له نخل في ذلك النخل، عدَّ ذلك من قبيل بيع الثمار قبل بدو صلاحها، فإذا كان السلم في النخيل لا يجوز، لم يبق في وجودها في ملك المسلَّم إليه فائدة متعلقة بالسلم، فيصير جواز السلم إلى من ليس عنده أصل، ولا يلزم سد باب السلم (٣)، وإنما كره السلم إلى من ليس عنده أصل؛ لأنه جعله من باب الغرر. وأصل السلم أن يكون إلى من عنده مما يُسْلَم فيه أصل، إلا أنه لما وردت السنة في السلم بالصفة المعلومة والكيل والوزن والأجل المعلوم كان ذلك عامًّا فيمن عنده أصل، وفيمن ليس عنده، وجماعة الفقهاء يجيزونه إلى من ليس عنده أصل، وحجتهم حديث الباب، وهو نص فيه، وزعم أنه لا يجوز سلم من لا أصل له، وليس من شرطه عند مالك أن يكون المسلم فيه موجودًا- حال العقد خلافًا لأبي حنيفة وإنما من شرطه أن يكون موجودًا حال حلوله.

وفيه: من الفقه جواز السلم في العروض إلى من ليس عنده ما باع بالسلم، ولو كان عندما باع ما حلَّ البيع؛ لأنه بيع شيء معين لم يقبض إلى مدة طويلة، وهذا لا يجوز بإجماع كما قاله المهلب.


(١) مسلم (١٥٣٧) كتاب: البيوع، باب: النهي عن بيع الثمار.
(٢) "شرح ابن بطال" ٦/ ٣٦٧.
(٣) "المتواري" ص ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>