للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أخبرنا بما يقوي هذا المعنى حيث قال: "السكينة في أهل الغنم، والخيلاء في أصحاب الخيل، والقسوة في الفدادين أهل الوبر" (١).

وكأنه قال: والذل في أهل الحرث، أي: من شأن ملازمة هذِه المهن توليد ما ذكر من هذِه الصفات، ومن الذل الذي يلزم من اشتغل بالحرث ما ينوبه من المؤنة لخراج الأرضين، كما سلف.

وفيه: علامة النبوة، وذلك أنه - عليه السلام - علم أنه من يأتي في آخر الزمان من الولاة يجورون في أخذ الصدقات والعشور، ويأخذون من ذلك أكثر مما يجب لهم؛ لأنه لا ذل لمن أخذ منه الحق الذي عليه، وإنما يصح الذل بالتعدي وترك الحق في الأخذ.

وفيه: أن الأموال الظاهرة يخرج حقوقها إلى السلطان.

وقال الداودي: هذا لمن يقرب من العدو واشتغل بالحرث، وأما يخرهم فالحرث محمود، قال تعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: ٦٠]. ومن القوة: الطعام، والخيل لا تقوم إلا بالزراعة. ومن هو في الثغور المقاربة للعدو لا يشتغل بالحرث، وعلى المسلمين والإمام مدهم بما يحتاجون إليه (٢).


(١) سيأتي من حديث أبي هريرة (٣٣٠١) كتاب: بدء الخلق، باب: خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال.
(٢) ورد بهامش الأصل: ثم بلغ في الرابع بعد السبعين كتبه مؤلفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>