للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

موسى، عن عبد الله بن يزيد المقرئ بلفظ: "من قتل دون ماله مظلومًا فهو شهيد"، كما رواه البخاري بزيادة: "مظلومًا".

إذا تقرر ذلك؛ فـ (دون) في الأصل ظرف مكان بمعنى: أسفل، وتحت نقيض فوق، وقد استعملت في هذا الحديث بمعنى: لأجل السببية وهو مجاز وتوسع، ووجهه: أن الذي يقاتل على ماله إنما جعله خلفه أو تحته، ثم يقاتل عليه.

والشهيد سمي بذلك؛ لأنه حيّ؛ لأن أرواحهم شهدت دار السلام وأرواح غيرهم لا تشهدها إلا يوم القيامة؛ ولأن الرب وملائكته يشهدون له بالجنة فشهيد مشهود له أو لأنه يشهد عند خروج روحه ما له من الثواب والكرامة، وغير ذلك مما أوضحته في كتاب "لغات المنهاج".

قال الترمذي: قد رخص بعض أهل العلم للرجل أن يقاتل عن نفسه وماله. وقال ابن المبارك: يقاتل عن ماله ولو درهمين (١)، وإنما أدخل هذا الحديث في هذِه الأبواب ليريك أن للإنسان أن يدفع عن نفسه وماله، فإذا كان شهيدًا إذا قُتِل في ذلك، كان إذا قتل من أراده في مدافعته له عن نفسه لا دية فيه عليه ولا قود.

قال المهلب: وكذلك كل من قاتل على ما يحل له القتال عليه من أهل أو دين، فهو كمن قاتل دون نفسه وماله، فلا دية عليه ولا تبعة، ومن أخذ في ذلك بالرخصة وأسلم المال والأهل والنفس، فأمره إلى الله، والله تعالى (يقدره) (٢) ويأجره، ومن أخذ في ذلك بالشدة وقتل كانت له الشهادة بهذا الحديث.


(١) الترمذي (١٤١٩).
(٢) هكذا بالأصل، وفي "شرح ابن بطال" ٦/ ٦٠٧: (يعذره).

<<  <  ج: ص:  >  >>