للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأخطأ لسانه فطلقها البتة طلقت عليه البتة، ولا ينفعه ما أراد، ولا نية له في ذلك، وهو قول مالك، قال: يؤخذ الناس بلفظهم في الطلاق ولا تنفعهم نياتهم (١)، وقال أصبغ عن ابن القاسم: وعلى هذا القول يكون تأويل: "الأعمال بالنيات" على الخصوص، كأنه قال: إلا العتق والطلاق فإن الأعمال فيها بالأقوال والنيات، فمن ادعى الخطأ بلسانه فيهما، فإثم ذلك ساقط عنه، وهو مأخوذ بما نطق به لسانه حياطة للفروج وتحصينًا لها من الإقدام على وطئها بالشك واحتياطًا من الرجوع في عتق الرقاب المنجية من النار التي أمر الشارع بعتق شقص منها بتمام عتقها كلها وتخليصها من الرق. وروى ابن نافع وزياد بن عبد الرحمن، عن مالك أنه تنفعه نيته ولا تطلق إلا واحدة، وقد روي عن الحسن البصري في رجل كان يكلم امرأته في شيء فغلط فقال: أنت طالق. قال: ليس عليه شيء فيما بينه وبين ربه، والمعمول عليه من مذهب مالك المشهور عند أصحابه القول الأول (٢).

والمفتى عليه عندنا: عدم وقوع طلاق الناسي.

تنبيهات:

أحدها: نحا البخاري إلى مشهور مذهب الشافعي: أن فعل الناسي لا يحنث، وهو ظاهر تبويبه، وما ذكر فيه من الأخبار؛ لأن الساهي لا نية له ولا عتق عليه بفعل سهو، وكأنه يشير أيضًا إلى خلاف أبي حنيفة في قوله: ومن أعتق عبده لوجه الله أو للشيطان أو للصنم عتق (٣)؛ لوجود ركن الإعتاق من أهله في محله، ووصف القربة واللفظ الأول زيادة


(١) انظر: "المدونة" ٢/ ٢٨٦.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٧/ ٤١ - ٤٢.
(٣) انظر: "بدائع الصنائع" ٤/ ٤٧، "تبيين الحقائق" ٣/ ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>