للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك طيب لمولاه وهذا يرد على من قال ذلك أوساخ الناس؛ لأن ما طاب لبريرة أخذه طاب لسيدها أخذه منها اعتبارًا باللحم الذي كان عليها صدقة وللشارع هدية، واعتبارًا أيضًا بجواز معاملة الناس للسائل، وقد تأول قوم من العلماء في قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} [البقرة: ١٧٧] أنه يجوز للمكاتبين أخذ الزكاة المفروضة، فكيف بالتطوع!

واتفق مالك والكوفيون والشافعي على جواز كتابة من لا حرفة له ولا مال معه (١)، وقد روي عن مالك كراهته أيضًا (٢) وكرهه الأوزاعي وأحمد وإسحاق (٣).

ومما يدل على جواز سعي المكاتب وسؤاله أن بريرة ابتدأت بالسؤال، ولم يقل - عليه السلام - هل لها مال أو عمل أو كسب، ولو كان واجبًا لسأل عنه ليقع حكمه عليه؛ لأنه بُعِثَ معلمًا - صلى الله عليه وسلم - وهذا يدل أن من تأول دي قوله (تعالى) (٤): {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣] أن الخير المال ليس بالتأويل الجيد، وأنه القوة على الكسب مع الأمانة وقد يكتسب بالسؤال.

ثالثها: قوله: ("واشترطي لهم الولاء") قد سلف في موضعه ما فيه (٥) والمراد: أظهري لهم حكمه وعرفيهم. والاشتراط: هو الإظهار ومنه: أشراط الساعة. أي: ظهور علاماتها.


(١) انظر: "مختصر الطحاوي" ص ٣٨٤، "التمهيد" ٢٣/ ١٦٥، "الإشراف" ٢/ ١٧٥.
(٢) انظر: "شرح ابن بطال" ٧/ ٧٩.
(٣) انظر: "الإشراف على مذاهب أهل العلم" ٢/ ١٧٥، "مسائل أحمد وإسحاق
برواية الكوسج" ٢/ ٤٧٨، ٤٨١ (٣١٢١، ٣١٢٨).
(٤) في الأصل: (عليه السلام)، وهو خطأ بيِّن.
(٥) تقدم برقم (٤٥٦) كتاب: الصلاة، باب: ذكر البيع والشراء على المنبر في المسجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>