للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ونصرهم ومحبتهم لَهُ - صلى الله عليه وسلم - أحبهم ضرورة بحكم صحة إيمانه، ومن كان منافقًا لم يسره ما جاء منهم فيبغضهم.

وهذا جارٍ في أعيان الصحابة كالخلفاء، وبقية العشرة، والمهاجرين، بل في كل الصحابة إذ (كل واحد منهم له) (١) سابقة وسالفة، وغناء في الدين وأثر حسن فيه.

فحبهم لذلك المعنى محض الإيمان، وبغضهم محض النفاق، ويدل عليه الحديث الوارد في فضل الصحابة كلهم: "من أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم" (٢)، وأما من أبغض أحدًا منهم من غير تلك الجهة لأمر طارئ من حديث وقع لمخالفة غرض أو لضرر ونحوه لم يصر بذلك منافقًا ولا كافرًا، فقد وقع بينهم حروب ومخالفات، ومع ذَلِكَ لم يحكم بعضهم عَلَى بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذَلِكَ حال المجتهدين في الأحكام.

فإما أن يقال: كلهم مصيب أو المصيب واحد، والمخطئ معذور مع أنه مخاطب بما يراه ويظنه، فمن وقع لَهُ بغض في واحد منهم -والعياذ بالله- لشيء من ذَلِكَ فهو عاص تجب عليه التوبة، ومجاهدة نفسه بذكر سوابقهم وفضائلهم، وما لهم (عَلَى كل) (٣) من بعدهم من الحقوق؛ إذ لم يصل أحد من بعدهم لشيء من الدين والدنيا إلا بهم، وبسببهم قَالَ تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} الآية [الحشر: ١٠]، نبه عَلَى ذَلِكَ


(١) في (ج): لكل واحد منهم.
(٢) رواه الترمذي (٣٨٦٢)، وأحمد ٤/ ٨٧، وابن أبي عاصم في "السنة" ٩٩٢ وابن حبان ١٦/ ٢٢٤ (٧٢٥٦) عن عبد الله بن مغفل قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وضعفه الألباني في "ظلال الجنة في تخريج السنة" (٩٩٢).
(٣) في (ج): على ذلك.