للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد أسلفنا عن مالك والشافعي وأحمد صحة هبة المشاع ومن وافقهم. ويتأتى فيها القبض، كما يجوز فيها البيع.

وسواء كان المشاع مما ينقسم كالعبيد والثياب والجواهر، وسواء كان مما يقبض بالتخلية أو مما يقبض بالتحويل، وأبو حنيفة يقول: إن كان المشاع مما يقسم لم يجز هبة شيء منه مشاعًا، وإن كان مما لا يقسم كالعبيد واللؤلؤ فإنه يجوز هبته (١).

حجتهم أن المشاع لا يتأتى فيه القبض إلا بقبض الجميع، ومن كلف الشريك هذا أضر به، وله أن يمتنع من ذلك، وبقصة الصديق السالفة في عدم القبض.

حجة المجيز أنه عليه السلام وهب حقه من غنائم حنين لهوازن، وحقه من ذلك مشاع لم يتعين، وكذا حديث أبي هريرة في قضائه الجمل بأفضل من سنه.

ووجه الدلالة منه: أن ثمن ذلك الفضل مشاع في ثمن السن التي كانت تلزمه، وقد وهب ذلك.

وكذلك قول جابر: قضاني فزادني.

وقوله: (فَوَزَنَ لي وأرجح).

وقد علم أن تلك الزيادة وذلك الرجحان لم يكن من الثمن وإنما كان هبة، ولم يكن متميزًا بل كان مشاعًا، وهبةُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحديثُ الغلام والأشياخ بيِّن في ذلك أيضًا؛ لأنه استوهب الغلام بنصيبه من الشراب، وكان ذلك مشاعًا غير متميز ولا مقسوم، ولا يعرف ما كان

يشرب مما كان يترك للأشياخ.


(١) انظر: "مختصر الطحاوي" ص ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>