للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن بطال: وقد رجع مالكٌ عن الشهادة على الخط؛ لأن الخطوط كثيرة الشبه، وليست الأصوات والخلق كذلك؛ ألا ترى أنه تعالى ذكر اختلاف الألسنة والألوان ولم يذكر الخطوط.

واعترض ابن القابسي فقال: قد روى الأثبات الحكم بشهادة الخط، منهم ابن القاسم وابن وهب، واستمر عليه العمل (١).

وقال ابن التين: قول ابن القاسم وموافقيه هو قول مالك فتقبل شهادته على ما يلمسه من حار أو بارد، فيما يذوقه أنه حلو أو حامض، وفيما يشبهه، وأما ما طريقه الصوت كالإقرار وشبهه فتقبل عنده، وسواء تحملها أعمى، أو بصيرًا ثم عمي -خلافًا لأبي حنيفة والشافعي في قولهما- لا تقبل إذا تحملها أعمى.

وحكى ابن القصار عن أبي حنيفة أنه إذا تحملها بصيرًا ثم عمي لا يؤديها كما أسلفناه، ولا شك أن أمهات المؤمنين أخذ عنهن الصحابة والتابعون من وراء حجاب، وقد قال تعالى {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللهِ وَالحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤]. وحديث أذان بلال حجة في ذلك كما سلف، وكذا وطؤه زوجته؛ لأنه إنما يعرفها بالصوت، ومعلوم أن الأعمى يتكرر عليه سماع صوتها فيقع له العلم بذلك، فكان الصوت طريقًا يميز به بين الأشخاص.

وقال أبو محمد بن حزم: شهادة الأعمى مقبولة كالصحيح. روي ذلك عن ابن عباس.

وصحَّ عن الزُّهري وعطاء والقاسم والشعبي وشريح وابن سيرين والحكم بن عتيبة وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري وابن جريج،


(١) "شرح ابن بطال" ٨/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>