للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأن من آذى نبيه في أهله أو عرضه أنه يقتل؛ لقول أسيد بن حضير: (إن كان من الأوس قتلناه).

ولم يرد عليه شيئًا، فكذلك من سبَّ عائشة بما برأها الله منه أنه يقتل؛ لتكذيبه القرآن المبرئ لها وتكذيبه الله ورسوله. وقال قوم: لا يقتل من سبها بغير ما برأها الله منه.

قال المهلب: والنظر عندي يوجب أن يقتل من سب أمهات المؤمنين بما رميت به عائشة أو بغير ذلك؛ لأن قول أسيد: (إن كان من الأوس قتلناه) إنما قاله قبل نزول القرآن ولم يرد عليه قوله، ولو كان قوله غير الصواب لما وسعه السكوت عليه؛ لأنه مفروض عليه بيان حدود الله، ومن سب أزواجه فقد آذاه وتنقصه، فهو متهم بسوء العقيدة في إيمانه به، فهو دليل على إبطانه النفاق.

وفيه: معاقبة المؤذي بقطع المعروف عنه والأخذ بالعفو والصفح عن المسيء، وأن ذلك مما يغفر الله به الذنوب (١).

وفيه: التسبيح تعجبًا.

وفيه: يمين المزكي إذا كان غير متهم؛ لقوله: (ولا نعلم إلا خيرًا).

ثم سماع الغيبة مثل الغيبة؛ لأنه تتميم لقصد القائل وإبلاغه أمله قال تعالى: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (١٦)} [النور: ١٦]، فإن قلت: أي تسبيح هنا للباري؟

قلنا: أعظم تسبيح وتقديس له، وذلك تنزيه فراش نبيه عن المعصية، وهو تعالى يتقدس أن يدنس فراش رسوله فيجب أن يقول القائل إذا سمع مثل هذا. هذا قاله ابن العربي في "سراجه" ثم قال: {يَعِظُكُمُ اللهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧)}.


(١) انظر: "شرح ابن بطال" ٨/ ٣٩ - ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>