للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد وصف - صلى الله عليه وسلم - أن اثنتين من كذبات إبراهيم عليه السلام كانتا في ذات الله سبحانه، والكذب إنّما يترك لله، فإذا كان إنما يفعل لله انقلب حكمه في بعض المواضع على حسب ما ورد في الشريعة، والقصد بهذا التقييد منه - صلى الله عليه وسلم - نَفي مَذَمَّةِ الكذب عنه لجلالة قدره في الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.

وقد تأوّل بعض النّاس كلماتِه هَؤلاء حتى تخَرجَ عن كونها كَذِبًا ولا معنى لأن يتحاشى العلماء مماّ لم يتحاشَ منه النبّي - صلى الله عليه وسلم-؛ ولكن قد يقال: إن المراد بتسميتها كذبا على ظاهرها عندكم في مقتضى إطلاقكم عند استعمالكم اللفظ على حقيقته ألا تَرَاه يحكي عن إبراهيم عليه السَّلام أنه قال لسَارَةَ: "أخبريه أنكِ أختي فإنَّكِ أختي في الإسلام". ومن سَمَّى المسلمة أختًا له قاصدًا أخوة الإسلام فليس بكاذب لكنه - صلى الله عليه وسلم - إنّما أطلق عليه لَفظَة الكَذِب لما قلناه من (٤١) أن الأخت في الحقيقة المشاركة في النسب وأما المشاركة في الدِّين فَأخت عَلىَ المجاز وأرَادَ أنها كذبة على مقتضى حقَيقة اللفظة في اللّغة، وعلى أن قوله: "إنها أختي" قد يكون في ذات الله إذا أراد بَهِا كفّ الظلم وصيانة الحريم لكن لما كان له فيها منفعة مَيَّزها - صلى الله عليه وسلم - عَن الأوليَنْ اللَّتين (٤٢) لا منفعة له فيهما هذا الذي يظهر لي في تأويل هذا الحديث.

١٠٨٣ - قوله: "كان موسى رجلا حَيِيًّا لا يرَى متَجَرّدًا فقال بَنو إسرائيل: إنّه آدَر فاغتسل عِند موَيهٍ ... " الحديث (ص ١٨٤٢).


(٤١) ان ساقطة من (أ).
(٤٢) في (ب) الاولتين التي.

<<  <  ج: ص:  >  >>