للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله تعالى {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ} (١٥) يَصح أن يحمل على ما قلناه وإن كان قد قيل فيه أيضا تأويل آخر، كما أن بعضَ أهل العلم أيضا تأول قوله تعالى {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} (١٦) على أن المراد به ينقص مِن عمرِه عن أبناء جنسه وأترابه وكذلك تأول بعضهم قوله في صلة الرحم "إنها تزيد في العمر" أن المراد بِه الرّزق لأنّ الفَقر يعَبرَّ عنه بالموت وأنكر بعضهم ذلك وقال الرزق مفروغ منه كما فرغ من الأجل فلا معنى للاعتذار بما يحتاج إلى الاعتذار.

وقال آخرون إنما المعنى أن الله سبحانه علم أنه يعَمّره مائة لأنه علم أنه يَصِل رَحِمَه وعلم أنه لو لم يَصِله لَعَمَّره ثَماَنين والباري سبحانه مَوصوف بأنه يعلم ما لا يكون لو كان كيف كان يكون وأمثل ما فِيما ذكرناه من التأويلات هذا التأويلُ أو ما قلناه أولاً إن الزيادة والنقص يرجعان إلى المَلَك وما كُلِّفَه فيكون التَّغيِير فيه، وَصَرْفُ ذَلك إلى المَلَكِ إليه يَمِيل بعض المحققين مِن أئمتنا.

وعلى هذا الذي قرّرناه عندنا أن المَقتول مات بأجله خلافا للمعتزلة في قولهم: إنه قَطَعَ عليه أجلَه بالقتل ولو قيل لنا نحن هل يقال: إن بقاءه وزيادته على ذلك الأجَلِ مقدور (للباري سبحانه لقلنا ذلِك مقدور ولكنه مع كونه مقدورًا لم يمت إلَاّ بأجله وقولنا أيضا فيه: إنه مقدور) (١٧) جار


(١٥) ٢) الأنعام.
(١٦) ١١) فاطر.
(١٧) ما بين القوسين ساقط من (ج).

<<  <  ج: ص:  >  >>