للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني يسمى غضبا، وإرادة الله سبحانه قديمهّ أزليّة بها يريد سائر المرادات فتستحيل فيها الغلبة والسبق وإنما المراد ها هنا متعلق الإرادة من النفع والضر فكان رِفقه بالخلق ونعمه عندهم أغلب من نقمه وسابقةَّ لها فإلى هذا يرجع معنى الحديث. وقد اختلف شيوخنا في معنى الرّحمان، هل ذلك راجع إلى نفس الإرادة للتنعم أو إلى التنعيم بنفسه وإنما يحتاج إلى هذا الاعتذار على القول بأن ذلك راجع إلى نفس الإرادة.

١٢٢٢ - قوله "أسرف رجل على نفسه لماَ حضره الموت أوصى بَنِيهِ فقال إذا أنا متّ فأحرِقوني ثمَّ اسحَقونيِ ثم اذرونيِ في البَحر فَوَالله لَئِن قَدَرَ عَليَّ ربي لَيعَذِّبنِي (عَذَابًا مَا عَذَّبَه أحَدًا الحديث. (ص ٢١١٠).

قال الشيخ (٢٨) لا يصِح حمل هذا الحديث على أنه أراد بقوله "قدر عليَّ" من القدرة لأنّه من شك في كون الباري سبحانه قادرًا عليه فهو كافر غير عارف به وقد ذكر في آخر الحديث أنَّ الله قال له: "ما حَمَلَك على ما حَمَلَك على ما صنعت؟ قال: خَشْيَتُك يَارَبّ أو مَخَافَتكَ" فغفر لى بذلك، والكافر لا يخشى الله ولا يغفر الله له، فإذا ثبت أنه لا يصح حمل الحديث على هذا المعنى فيحمل على أحد وجهين إما أن يكون المراد به لئن قدرَ عَلَيَّ بمعنَى قدَّر علي العذاب يقال: قَدَر وَقَدَّر بمعنى واحدٍ، أو يكون أراد قدر عليَّ بمعنى ضَيَّق عليَّ قال الله تعالى {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} (٢٩) وهكدا القول في قوله تعالى {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} (٣٠).


(٢٨) ما بين القوسين ساقط من (ب).
(٢٩) ١٦) الفجر.
(٣٠) ٨٧) الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>