للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[البول في المسجد] (٤٤).

١٥٨ - في الحديث: "أنَّ أعْرَبِيًّا بَالَ في المَسْجِدِ فَقَامَ إلَيْهِ بَعْضُ القَوْمِ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: دَعُوهُ لَا تُزْرِمُوهُ. قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا بِدَلْوٍ مِن مَاء فَصَبَّهُ عَلَيْهِ" (ص ٢٣٦).

قال الشيخ: قوله - صلى الله عليه وسلم - "دعوه" يحتمل أن يكون خشي إن قام على تلك الحال تنجس (٤٥) مواضع كثيرة في المسجد. ويحتمل أن يكون خشي إن قطع عليه أن تَضُرَّ بِهِ الحقنة.

قال الهروي في شرحه للحديث الذي بال فيه الحسن فأخذ من حجره فقال: "لَا تُزْرِمُوا ابْنِي" يقول: لا تقطعوا عليه بوله، والإِزرام: القطع، وزرم البول: انقطع.

وأما صب الدلو على بول الأعرابي، فاحتج به أصحابنا على الشافعي في قوله "إن الماء اليسير إذا حلت فيه النجاسة اليسيرة عاد نجساً، وإن لم يتغير"، وانفصل بعض الشافعية عن ذلك بأن طروّ النجاسة على الماء بخلاف طروّ الماء عليها، ونحن لا نسلم لهم التفرقة بين ذلك لأنه ماء خالط نجاسة فلا فرق في التحقيق بين طروّه عليها، وطروّها عليه. ولهم في الماء القليل تحل فيه النجاسة اليسيرة حديث "إذَا جَاوَزَ المَاءُ قُلَّتَيْنِ لم يحمل خبثاً". وهذا ليس الحجة به من جهة نصه، وإنما هي من جهة دليله فإن لم نقل بدليل الخطاب سقط احتجاجهم به فيما دون القلتين، وإن قلنا بدليل الخطاب قلنا في مقابلته قوله - صلى الله عليه وسلم -: "خَلَقَ الله المَاءَ طَهُورًا".

وتفرقة الشافعية بين طروّ النجاسة على الماء، وطروّ الماء عليها انبنى


(٤٤) جاء هذا العنوان بالهامش، وهو في (ب).
(٤٥) في (ج) "نجّس".

<<  <  ج: ص:  >  >>