للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على فقه الحديث بطريقة اجتهادية في فنون الفقه كما عبر عنه ابن خلدون: "وأملى عليه (أي "الجامع الصحيح لمسلم") الإِمام المازري من فقهاء المالكية شرحاً، وسماه "المعلم، بفوائد مسلم" اشتمل على عيون من علم الحديث، وفنون من الفقه" (٥٧).

امتاز المازري بكونه يعمد أساسا إلى عيون المسائل ولبّها دون الاشتغال بقشورها شأن الجلة من العلماء المجتهدين، وهذا ما عبر عنه القاضي عياض في "الغنيه" ونقله ابن فرحون في "الديباج": "وكان آخر المشتغلين من شيوخ إفريقية بتحقيق الفقه ورتبة الاجتهاد، ودقة النظر" (٥٨).

[حكم التطلعات الجوية]

وله تفوق في المواطن الدقيقة حيث تجده يأتي بتحريرات بارعة تكشف ما هو الصواب وعين الحقيقة مما لا تجده عند غيره، وهي المواطن التي تزل فيها الأفكار، مبرزاً من فن الاجتهاد الفكري ما يعزّ، مثل شرحه لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسى:

" قال ربّكم: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر الحديث" (٥٩).

قال الشيخ وفقه الله: هذا يحمل على أن المراد به تكفير من اعتقد أن المطر من فعل الكوكب وخلقه دون أن يكون خلق الله سبحانه، كما يقول بعض الفلاسفة من أن الله سبحانه لم يخلق إلا شيئاً واحدا وهو العقل الأوّل عندهم وكان عن العقل الأول غيره. وهكذا عن واحد آخر إلى أن كان


(٥٧) المقدمة (ج١ ص ٨٠١).
(٥٨) الديباج (ج٢ ص ٢٨١).
(٥٩) الفقرة (٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>