للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هاذين الأصلين فقد يراعي الحيازة لأن الهبة قبل أن تحاز لواهبها الرجُوع فيها عند جماعة من المخالفين. وعلى قولة شاذة عندنا، ومن راعى الموت خاصة فإنه قال ذلك في الأب لأن له الاعتصار ما دام حيا وبموته يبطل الاعتصار فراعى قدرته على الحل (١٠) على وجه ما في الهبات.

وسبب اضطراب العلماء في حمل ذلك على الوجوب أو الندب ما وقع من اختلاف ألفاظ الحديث لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أشهِد غيري" يشير عندهم إلى أنه مكروه أو خروج عن الأحسن فَأتوقَّاه أنا في نفسي ولا أوجب على غيري توقيَه. قالوا (١١): وقد علل أيضاً بقوله: "أيسُرُّك أنْ يَكُونُوا لك في البر سواء"، وظاهر هَذَا أن النَّهْي لِئلا يقع منهم تقصير. قالوا وقد قال - صلى الله عليه وسلم - أيضاً: "فارجعْه" فأمره باعتصاره لأن الأب يعتصر ولو كان باطلا لقال: هو مردود، ولم يفتقر إلى ارتجاع المعطى.

وقال الآخرون: فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - "لا أشهد على جَوْر" يدل على المنع، لأن الجَور ممنوع منه لأنه الحَيْدُ عَنِ القَصْدِ والعدول عنه (١٢). ومنه: جار السَّهم، إذا عدل عن الغرض. ومن حمل هذه الظواهر على الندب يصح أن يسمى الميل في مثل هذا جَوْرًا. واحتجوا أيضاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - "أتّقُوا الله واعْدِلُوا بين أولادكم"، وظاهر الأمر على الوجوب. وفي هذا اختلاف بين أهل الأصول، والذي وقع في الترمذي من أمثل ما يتمسكون به لأنه - صلى الله عليه وسلم - قَال "إن لهم عليك من الحق" وظاهر لفظة (عَلَى) يُفيد الإِلزام والوجوب.

وقد تُنوزع في عطية الصديق عائشة أحدًا وعشرين وسقا فاحتج به من


(١٠) في (ج) شكل "الحل" بكسر الحاء.
(١١) "قالوا" ساقط من (ب).
(١٢) "عنه" ساقطة من (أ).

<<  <  ج: ص:  >  >>