للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: وهذا النوع من أنواع العلة يعتمد على مخالفة الثقة الذي أسند الحديث (أي رفعه) جمع من الثقات، أو من هو أوثق منه، وفي هذا المثال نجد أنَّ الدارقطني قد أعل الحديث؛ لأنَّ أبو ضمرة بن عياض وهو من الثقات (١)، رواه فأسند الحديث فقال: " عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة "، فأخطأ، وذلك لمخالفته الثقات الذين رووه مرسلاً، منهم يحيى بن سعيد القطان وهو من الحفاظ الأثبات (٢)، وكذلك خالف يونس بن يزيد وهو الأيلي (٣)، عن الزهري، وهو من أثبت الناس في الزهري، فأصبح المرسل أصح من المرفوع، وبهذا صار الحديث معلولاً بالإرسال.

المثال الثاني: قال الإمام البرقاني: " وسئل - الدارقطني -: عن حديث عمر بن علي ابن أبي طالب عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الشَّاهِدُ يَرَى مَا لاً يَرَى الْغَائِبُ)) (٤).

فقال - الدارقطني -: هو حديث يرويه الثوري، عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، فأرسله يحيى القطان، عن الثوري، عن محمد بن عمر، عن جده علي. وأسنده أبو نعيم، عن الثوري، فقال عن محمد بن عمر بن علي، عن أبيه عن علي. واختلف عن أبي نعيم، والمرسل أصح " (٥).


(١) وهو الإمام، المحدث، الصدوق المعمر، بقية المشايخ، أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي، المدني (ت: ٢٠٠هـ)، أخرج له الستة، أنظر سير أعلام النبلاء للذهبي، (ج١٧/ ص٨٧).
(٢) وهو الإمام الكبير، أمير المؤمنين في الحديث، أبو سعيد التميمي مولاهم، البصري، الأحول، القطان، الحافظ (ت: ١٩٨هـ)، وهو من كبار نُقاد الحديث وكان لا يحدث إلا عن ثقة، أنظر سير أعلام النبلاء للذهبي، (ج١٧ / ص١٨٥).
(٣) وهو الإمام، الثقة، المحدث، أبو يزيد الأيلي، مولى معاوية بن أبي سفيان الأموي، وهو أخو أبي علي، وعم عنبسة بن خالد (ت:١٥٩هـ)، سير أعلام النبلاء للذهبي (ج١١/ص ١٢٦).
(٤) أخرجه على الوجه الصحيح المرسل: الإمام أحمد في المسند، (ج١ / ص٨٣)، برقم (٦٢٨)، من طريق حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنا محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن علي رضي الله عنه.
(٥) أبو الحسن الدارقطني: العلل (ج٤ / ص٥٨)، سؤال رقم (٤٢٩).

<<  <   >  >>