للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد استعمل النُّقاد غير الدارقطني لفظة الخطأ بكثرة في مصنفات العلل؛ للدلالة على نفس المعنى الذي قصده الدارقطني وسوف نضرب بعض الأمثلة لبعض النُّقاد المحدثين في مصنفاتهم العلل لإثبات ذلك:

المثال الأول: قال عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ: " سأَلْتُ أَبَا زُرْعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ مِحْجَلٍ أَوْ مِحْجَنٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((إِنَّ الصَّعِيدَ كَافِيكَ وَلَوْ لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سَنِينَ، فَإِذَا أَصَبْتَ الْمَاءَ فَأَصِبْهُ بَشَرَتَكَ)) (١).

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: هَذَا خَطَأٌ، أَخْطَأَ فِيهِ قَبِيصَةُ، إِنَّمَا هُوَ أَبُو قِلابَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ بُجْدَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " (٢).

وقد وافق أبو زُرْعَةَ الرَّازي الإمام الدارقطني في حكمه على هذا الحديث، فقال لما سُئِلَ عن حديث عمرو بن بُجْدَانَ، عن أبي ذر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((التَّيَمُّمُ طُهُورُ الْمُسْلِمِ وَلَو إِلَى عَشْرِ حِجَجٍ، وَأَمَرَهُ بَالتَّيَمُّمِ عِنْدَ الْجَنَابَةِ)) (٣).

فقال - الدارقطني -: "يرويه أبو قلابة، عن عمرو بن بُجْدَانَ واختلف عنه:

فرواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بُجْدَانَ، عن أبي ذر، ولم يختلف أصحاب خالد عنه. ورواه أبو أيوب السختياني، عن أبي قلابة.

واختلف عنه فرواه: مخلد بن يزيد، عن الثوري، عن أيوب وخالد، عن أبي قلابة، عن عمرو بن بُجْدَانَ، عن أبي ذر، وأحسبه حمل حديث أيوب على حديث خالد؛ لأنَّ أيوب يرويه


(١) أخرجه الإمام أحمد: في المسند، (ج٥/ص١٤٦)، برقم (٢١٣٤٢)، من طريق أيوب عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر حديث طويل في آخره: " ((إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ طَهُورٌ مَا لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ وَلَوْ إِلَى عَشْرِ حِجَجٍ فَإِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ فَأَمِسَّ بَشَرَتَكَ)) "، بإسناد ضعيف، لوجود رجل مبهم.
(٢) ابن أبي حاتم: كتاب العلل، (ص١٨٥)، مسألة رقم (١).
(٣) سبق تخريجه فيما سبق، في هامش الصفحة السابقة رقم (٢).

<<  <   >  >>