للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم أشار إلى أنه أخذ ذلك من كلام محمد بن طاهر المقدسى فإنَّه قَسَّم الغرايب والأفراد إلى خمسة أنواع خامسها أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد لا توجد إلا من روايتهم، وسنن يتفرد بالعمل بها أهل مصر لا يعمل بها في غير مصرهم " (١).

فهذه النصوص السالفة الذكر تبين مفهوم الغريب والفرد عند النُّقاد المتقدمين وعلى رأسهم الدارقطني، فإنَّ مفهومه للحديث الغريب لا يختلف عنهم، وسوف نضرب هنا بعض الأمثلة لتوضيح بعض ألفاظ التفرد والغرابة عند النُّقاد والدارقطني:

[أولا: لفظة " تفرد به فلان ".]

لقد أكثر الدارقطني من هذه اللفظة؛ للدلالة على علة التفرد أو الغرابة، وغالباً ما تكون الإشارة إلى الإسناد دون المتن.

وقد أطلق الدارقطني هذه اللفظة في العلل على ما تفرد به الضعيف والمتروك، كما أطلقها على المستور والصدوق والثقة، وذلك في حوالي مئة وسبعة (١٠٧) موضعاً في كتابه العلل، وسوف نضرب بعض الأمثلة منها:

المثال الأول: قال البرقاني في العلل: " وسئل - الدارقطني - عن حديث عثمان بن عفان، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أَنَّهُ سَأَلَهُ مَا نَجَاةُ هَذَا الأَمْرِ؟)) (٢).

فقال - الدارقطني -: وروى هذا الحديث زيد بن أبي أنيسة (٣)، بإسناد متصل، عن عثمان فرواه عن عبدالله بن محمد بن عقيل، عن أبان بن عثمان، عن عثمان، عن أبي بكر، تفرد به زيد بن


(١) العراقي: التقييد والإيضاح (ص٢٧٣).
(٢) أخرجه أحمد: في المسند (ج١/ص٦)، برقم (٢٠)، من طريق الزهري قال أخبرني رجل من الأنصار من أهل الفقه أنه سمع عثمان بن عفان عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم بتمامه نحواً منه.
(٣) زيد بن أبى أنيسة: زيد الجزرى، أبو أسامة الرهاوي الغنوي (كوفى الأصل)، (ت: ١١٩ هـ، وقيل ١٢٤ هـ)، من الطبقة السادسة من الذين عاصروا صغار التابعين، ثقة له أفراد، أخرج له الستة، تهذيب التهذيب (ج٣/ص ٣٤٣).

<<  <   >  >>