للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

...........................................................................................

ــ

ثم أكد القاضي ما قاله أبو علي الغساني من إختلاف في هذا الحديث كونه وقع لرواية المشارقة سند الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، ولم يكن هذا السند في رواية المغاربة، وذكر العلة التي أوردها الدارقطني فيه، وكذلك أبو مسعود الدمشقي في الأطراف (١).

وكذلك الإمام النووي أورد في شرحه لصحيح مسلم هذا الخلاف وقال: "وَاعْلَمْ أَنَّ فِي إِسْنَاد بَعْض رِوَايَات هَذَا الْحَدِيث مَا أَنْكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْره، وذكر العلة المذكورة. وذكر أيضاً ما ذكره أبو علي الغساني، والقاضي عياض مِنْ كون رِوَايَة اللَّيْث وَمَعْمَر وَيُونُس وَابْن جُرَيْج، وَتَابَعَهُمْ صَالِح اِبْن كَيْسَانَ هو الصحيح.

ثم قال: قُلْت: وَحَاصِل هَذَا الْخِلَاف، وَالِاضْطِرَاب إِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَة الْوَلِيد بْن مُسْلِم، عَنْ الْأَوْزَاعِيّ، وَأَمَّا رِوَايَة اللَّيْث وَمَعْمَر وَيُونُس وَابْن جُرَيْج، فَلَا شَكَّ فِي صِحَّتهَا. وَهَذِهِ الرِّوَايَات هِيَ الْمُسْتَقِلَّة بِالْعَمَلِ وَعَلَيْهَا الِاعْتِمَاد. وَأَمَّا رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ فَذَكَرَهَا مُتَابَعَة، وَقَدْ تَقَرَّرَ عِنْدهمْ أَنَّ الْمُتَابَعَات يُحْتَمَل فِيهَا مَا فِيهِ نَوْع ضَعْف لِكَوْنِهَا لَا اِعْتِمَاد عَلَيْهَا إِنَّمَا هِيَ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِئْنَاس؛ فَالْحَاصِل أَنَّ هَذَا الِاضْطِرَاب الَّذِي فِي رِوَايَة الْوَلِيد، عَنْ الْأَوْزَاعِيّ لَا يَقْدَح فِي صِحَّة أَصْل هَذَا الْحَدِيث، فَلَا خِلَاف فِي صِحَّتِهِ" (٢).

وسبب الخلاف في هذا الحديث هو: هل يروي هذا الحديث الوليد بن مسلم عن الأوزاعي، ثم إن كان يرويه عنه، فما صحته؟، ثم هل هو هذا السبب آلذي جعل

الحديث في هذا السند يسقط عند ابن ماهان؟ هذه هي محاور هذا الحديث.

أما الأول: فالوليد بن مسلم روى أحاديث كثيرة عن الأوزاعي، ويكاد يكون وريثه العلمي في مسائله الفقهية، أوصلها البعض إلى ثلاثين الف حديث، فلا يمتنع أن يرويه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. ... =


(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم ١/ ٣٦٧.
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم ٢/ ١٠٥.

<<  <   >  >>